للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّنْصِيصِ عَلَى بَقَائِهِ لَهُ وَإِلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " أَوْ بَقِيَا " وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا أَرْضَهُ بِزَرْعِهَا أَوْ أَرْضَهُ وَشَجَرَهُ بِثَمَرِهَا وَبَاعَ الْآخَرُ أَرْضَهُ فَقَطْ، وَأَبْقَى الزَّرْعَ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ الْأَرْضَ وَالْأَشْجَارَ، وَأَبْقَى الثِّمَارَ الْمَأْبُورَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ بَيْعَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ جَائِزٌ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي بَيْعِ أَرْضٍ وَطَعَامٍ بِأَرْضٍ وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:

وَصَحَّ بِالْمَأْبُورِ حَيْثُ يُشْتَرَطْ

مِنْ جِهَةٍ " وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلَهُ بِمَا فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ عَرَضٍ وَطَعَامٍ بِعَرَضٍ وَطَعَامٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ.

وَعَنْ هَذِهِ الصُّورَةِ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " فَقَطْ " فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: " وَصَحَّ " أَيْ صَحَّ هَذَانِ الْوَجْهَانِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَانْظُرْ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَأَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ مَأْبُورٌ وَأَرْضٍ وَأَشْجَارٍ فِيهَا ثِمَارٌ مَأْبُورَةٌ لَعَلَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ فِي الْجِنْسَيْنِ، وَالْمُنَاجَزَةَ حَاصِلَةٌ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْجُزَافِ قَبْضٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ، وَالْآخَرُ لَا شَيْءَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مَا فِي ذَلِكَ غَيْرَ مَأْبُورٍ لَمْ تَجُزْ الْمُعَاوَضَةُ وَإِنْ كَانَ مَأْبُورًا جَازَتْ سَوَاءٌ بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ بَقِيَ لِبَائِعِ أَصْلِهِ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَأْبُورِ مَعَ أَصْلِهِ جَائِزٌ وَبَقَاؤُهُ هُوَ الْأَصْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

وَسَائِغٌ لِلْمُتَعَاوِضَيْنِ ... مِنْ جِهَةٍ فَقَطْ مَزِيدُ الْعَيْنِ

لِأَجْلِ مَا كَانَ مِنْ التَّفْضِيلِ ... بِالنَّقْدِ، وَالْحُلُولِ، وَالتَّأْجِيلِ

وَجَائِزٌ فِي الْحَيَوَانِ كُلِّهِ ... تَعَاوُضٌ وَإِنْ يَكُنْ بِمِثْلِهِ

يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الْمُتَعَاوِضَيْنِ وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ صَاحِبُهُ أَنْ يَزِيدَ لِصَاحِبِهِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ الْعَيْنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِيَتَسَاوَى مَعَهُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لِتَحْصِيلِ الْمُسَاوَاةِ فَلَا تُتَصَوَّرُ الزِّيَادَةُ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَعَنَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ: " جِهَةٍ فَقَطْ " وَعَلَى كَوْنِهِ لِطَلَبِ الْمُسَاوَاةِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

لِأَجْلِ مَا كَانَ مِنْ التَّفْضِيلِ

أَمَّا إنْ كَانَتْ زِيَادَةُ الْعَيْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْ الْمُفَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ إلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ، وَعَيْنٍ بِسِلْعَةٍ وَعَيْنٍ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْعَيْنَيْنِ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ امْتَنَعَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالُوا فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ وَذَهَبٍ بِسِلْعَةٍ وَذَهَبٍ أَوْ سِلْعَةٍ وَفِضَّةٍ بِسِلْعَةٍ وَفِضَّةٍ وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَعَرَضٍ وَذَهَبٍ بِعَرَضٍ وَفِضَّةٍ امْتَنَعَ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ زِيَادَةِ الْعَيْنِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ نَقْدًا فِي حِينِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ غَيْرَ مَنْقُودَةٍ وَلَكِنَّهَا بِالْحُلُولِ مَتَى طُولِبَ بِهَا لَزِمَتْهُ أَوْ مُؤَجَّلَةً بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ.

(قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) : وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ كُلِّ حَالَةٍ مِنْهَا عَلَى الِانْفِرَادِ، فَلَا مَانِعَ مِنْ الْمَجْمُوعِ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْهُ اهـ.

وَتَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ فِي سَائِرِ الْعُرُوضِ وَلَا إشْكَالَ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ فِي الْحَيَوَانِ كُلِّهِ كَالرَّقِيقِ وَالْأَنْعَامِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا، سَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ وَلَا إشْكَالَ كَعَبْدٍ بِحَمْلٍ أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَعَبْدٍ بِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: " وَإِنْ يَكُنْ بِمِثْلِهِ " أَيْ فِي الْجِنْسِيَّةِ وَالْقَدْرِ وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ كَجَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ جَازَ وَإِنْ دَفَعَ جَمَلًا فِي جَمَلَيْنِ وَلَمْ يَنْتَقِدْ الْجَمِيعَ امْتَنَعَ كَمَا لَوْ دَفَعَ وَاحِدًا فِي اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا مُعَجَّلٌ وَالْآخَرُ مُؤَخَّرٌ لِأَنَّ الْمُؤَخَّرَ هُوَ الْعِوَضُ وَالْمُعَجَّلَ زِيَادَةٌ لِأَجْلِ السَّلَفِ الَّذِي هُوَ تَأْخِيرُ الْجَمَلِ الْآخَرِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ فِي بَابِ السَّلَمِ: لَا جَمَلَ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلُ عَجِّلْ أَحَدَهُمَا، قَالُوا: وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى جَمَلٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْجَمَلِ إذْ لَيْسَ الْجَمَلُ مَقْصُودًا بِالْخُصُوصِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ وَاحِدًا فِي اثْنَيْنِ مُؤَخَّرَيْنِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَيْضًا وَكَذَا إنْ دَفَعَ اثْنَيْنِ فِي وَاحِدٍ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَكِنْ يُرَاجَعُ ذَلِكَ فِي بَابِ السَّلَمِ (قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) : وَيَجُوزُ ابْتِيَاعُ الرَّقِيقِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ ابْتِيَاعُ الْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ رَأْسًا بِرَأْسٍ وَأَكْثَرَ كَانَتْ مَعَ أَحَدِهِمَا زِيَادَةُ عَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ أَوْ لَمْ تَكُنْ (قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : وَالتَّعَامُلُ فِي الرَّقِيقِ، وَالْحَيَوَانِ إنْ كَانَ كَالتَّعَامُلِ فِي الْعَقَارِ وَحَقِيقَتُهُ الْبَيْعُ.

(وَفِي الْمُقَرَّبِ) وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَبِزِيَادَةِ دِرْهَمٍ يَدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>