للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُكْنَى دَارٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَمْ يَجُزْ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ الْمَعْمُولُ بِهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجَازَ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ دَيْنِهِ دَارًا غَائِبَةً لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ، أَوْ عَبْدًا بِخِيَارٍ أَوْ أَمَةً تُتَوَاضَعُ أَوْ سُكْنَى دَارٍ وَجُعِلَ قَبْضُ أَوَائِلِ السُّكْنَى قَبْضًا لِآخِرِهَا كَمَا جَازَ عِنْدَهُ اكْتِرَاؤُهَا بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ وَجُعِلَ قَبْضُ أَوَائِلِ السُّكْنَى قَبْضًا لِجَمِيعِهِ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ الدَّيْنَيْنِ الْمَضْمُونَيْنِ جَمِيعًا قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هُوَ أَقْيَسُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ اهـ.

وَإِلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ نَاجِزًا أَشَارَ بِقَوْلِهِ.: " وَالْإِنْجَازُ لِمَا تَصَيَّرَا ".

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) أَنَّهُ يَجُوزُ تَصْيِيرُ الْعُرُوضِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، وَكَذَا الْحَيَوَانُ إلَّا الْأَمَةَ الَّتِي تَفْتَقِرُ إلَى الْمُوَاضَعَةِ وَمَا لَا يُقْبَضُ فِي الْحَالِ كَالدَّارِ الْغَائِبَةِ، وَالْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَالْعَرَضُ صَيِّرْهُ بِلَا مُنَازَعَهْ

الْبَيْتَ وَيَجُوزُ فِي لَفْظِ الْعَرَضِ النَّصْبُ عَلَى الِاشْتِغَالِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَكَذَا لَفْظُ الْحَيَوَانِ.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمُصَيَّرِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ رَبُّ الدَّيْنِ الْمُصَيَّرُ لَهُ الْعَرَضُ مِنْ الْعَيْنِ مَا يُكْمِلُ بِهِ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَرَضِ الْمُصَيَّرِ فِيهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِائَةً فَيُصَيِّرَ لَهُ عَرَضًا يُسَاوِي مِائَةً وَعِشْرِينَ وَيَزِيدَهُ رَبُّ الدَّيْنِ عِشْرِينَ وَيَشْتَرِطَ أَنْ تَكُونَ مُعَجَّلَةً، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَجَائِزٌ فِيهِ مَزِيدُ الْعَيْنِ

الْبَيْتَ فَضَمِيرُ فِيهِ لِلتَّصْيِيرِ وَضَمِيرُ عَنْهُ لِلْعَرَضِ الْمُصَيَّرِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ عَنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ الْمُصَيَّرِ وَ " قَدْرُ الدَّيْنِ " فَاعِلُ يَقِلُّ.

(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) : وَإِنْ كَانَ الْمَزِيدُ لَهُ زَادَ فِي الدَّارِ زِيَادَةً عَلَى الدَّيْنِ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ بُدٌّ مِنْ تَنَاجُزِ الْقَبْضِ كَانَ الدَّيْنُ مُعْظَمَ الثَّمَنِ، أَوْ يَسِيرًا مِنْهُ لِمَا يَدْخُلُهُ فِي التَّأْخِيرِ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ اهـ.

وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ النَّاظِمِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ: وَإِنْ كَانَ الْمُصَيَّرُ لَهُ زَادَ فِي الدَّارِ زِيَادَةً إلَخْ أَنَّ الَّذِي صُيِّرَتْ لَهُ الدَّارُ فِي دَيْنِهِ قَاصٌّ رَبَّهَا بِالدَّيْنِ وَزَادَ زِيَادَةً لِكَوْنِ قِيمَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ عَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْعَرَضِ أَنْ يَزِيدَ مِنْ الْعَيْنِ مَا يُكْمِلُ بِهِ خَلَاصَ دَيْنِهِ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: " وَكَذَلِكَ إنْ صَيَّرَ لَهُ مِلْكًا فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً زَادَهَا لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنَاجُزِ " اهـ.

وَهَذَا إذَا عَطَفْنَا قَوْلَ ابْنِ سَلْمُونٍ: " وَزِيَادَةً " عَلَى " مِلْكًا " وَأَمَّا إنْ عَطَفْنَاهُ عَلَى دَيْنٍ فَتَكُونُ هِيَ مَسْأَلَةَ النَّاظِمِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَثِيقَةِ الَّتِي ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي تَصْيِيرِ السُّكْنَى وَالرُّكُوبِ، وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُقْبَضُ كُلُّهُ دَفْعَةً بَلْ شَيْئًا فَشَيْئًا وَتَقَدَّمَ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ: وَكَذَلِكَ إنْ صَيَّرَ إلَيْهِ فِي دَيْنِهِ سُكْنَى دَارٍ. . . إلَخْ.

وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَالْخُلْفُ فِي تَصْيِيرِ مَا كَالسُّكْنَى

الْبَيْتَ فَقَوْلُهُ: " أَوْ ثَمَرٍ " عُطِفَ عَلَى " مَا " وَقَوْلُهُ: " لِيُجْنَى " أَيْ لِكَوْنِهِ يُجْنَى شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَلَا يُتَنَجَّزُ قَبْضُ جَمِيعِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً.

(فَرْعٌ) وَهَلْ يَفْتَقِرُ التَّصْيِيرُ إلَى حِيَازَةٍ أَمْ لَا وَعَلَى الْحِيَازَةِ فَهَلْ بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ يَكْفِي فِيهَا الِاعْتِرَافُ قَالَ الْمِكْنَاسِيُّ فِي مَجَالِسِهِ: قُلْت أَفْتَى فِيهَا الْقَاضِي أَبُو سَالِمٍ إبْرَاهِيمُ الْيَزْنَاسِيُّ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ وَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَأَفْتَى الْفَقِيهُ الْعَبْدُوسِيُّ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>