للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالْمُسَاقَاةِ، وَالْمُغَارَسَةِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَأَدْمَجَ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا وَغَرَرُ هَذِهِ الْأَبْوَابِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ نَظِيرَ الثَّمَنِ فِيهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الِانْضِبَاطِ وَلِتَأَكُّدِ حَاجَةِ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْأَبْوَابِ أُجِيزَتْ وَاغْتُفِرَ مَا فِيهَا مِنْ الْغَرَرِ وَهِيَ فِي نَظَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الْحَاجِيَاتِ، وَلَيْسَتْ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ. انْتَهَى بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ، وَقَالَ الْغَرْنَاطِيُّ: الْإِجَارَةُ تُطْلَقُ عَلَى مَنَافِعِ مَنْ يَعْقِلُ، وَالْأَكْرِيَةِ عَلَى مَنَافِعِ مَنْ لَا يَعْقِلُ الْبُرْزُلِيُّ يُرِيدُ اصْطِلَاحًا وَقَدْ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْكِرَاءَ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِ غَيْرِ آدَمِيٍّ أَوْ مَا يُبَانُ بِهِ وَيُنْقَلُ غَيْرِ سَفِينَةٍ. اهـ فَأَخْرَجَ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ مَنْفَعَةَ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا فِي الِاصْطِلَاحِ إجَارَةٌ وَقَوْلُهُ: " أَوْ مَا يُبَانُ " عَطْفٌ عَلَى لَفْظَةِ غَيْرِ ذَلِكَ كَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَالْفَأْسِ وَالْآلَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ " غَيْرِ سَفِينَةٍ " السَّفِينَةَ لِأَنَّ شِرَاءَ مَنْفَعَتِهَا مِنْ بَابِ الْجُعْلِ لَا مِنْ بَابِ الْكِرَاءِ وَلَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

يَجُوزُ فِي الدُّورِ وَشِبْهِهَا الْكِرَا ... لِمُدَّةٍ حُدَّتْ وَشَيْءٍ قُدِّرَا

وَلَا خُرُوجَ عَنْهُ إلَّا بِالرِّضَا ... حَتَّى يُرَى أَمَدُهُ قَدْ انْقَضَى

وَجَائِزٌ أَنْ يُكْتَرَى بِقَدْرِ ... مُعَيَّنٍ فِي الْعَامِ أَوْ فِي الشَّهْرِ

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحُلَّ مَا انْعَقَدْ ... كَانَ لَهُ مَا لَمْ يَحُدَّا بِعَدَدْ

وَحَيْثُمَا حَلَّ الْكِرَا يَدْفَعُ مَنْ ... قَدْ اكْتَرَى مِنْهُ بِقَدْرِ مَا سَكَنْ

كَذَاكَ إنْ بَعْضُ الْكِرَاءِ قُدِّمَا ... فَقَدْرُهُ مِنْ الزَّمَانِ لَزِمَا

تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ أَنَّ الْبَيْعَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ، وَالْكِرَاءَ، وَالْإِجَارَةَ مِلْكُ الْمَنَافِعِ، وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الرَّقَبَةَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْآدَمِيُّ الْمَنَافِعَ فَقَطْ فَإِنْ مَلَكَهَا عَلَى الدَّوَامِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدِ مُدَّةٍ فَهُوَ الْبَيْعُ، وَإِنْ مَلَكَهَا الْمُدَّةَ فَقَطْ فَالْإِجَارَةُ أَوْ الْكِرَاءُ وَحَاصِلُ الْأَبْيَاتِ أَنَّ كِرَاءَ الدُّورِ، وَنَحْوِهَا كَالْحَوَانِيتِ، وَالْفَنَادِقِ، وَغَيْرِهَا جَائِزٌ وَأَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونُ ذَلِكَ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ عَيَّنَا ذَلِكَ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ، فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنَا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ.

وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَعَدَمُ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ فَمِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَأَجْرٍ مَعْلُومٍ كَدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَازِمٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْخُرُوجُ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَهُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَعْرِضْ فِي ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الْإِقَالَةِ كَمَا إذَا قَدَّمَ الْكِرَاءَ، وَسَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ لِمَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ سَلَفٍ وَهُوَ الْمَرْدُودُ مِنْ الْكِرَاءِ وَكِرَاءٍ وَهُوَ الْمُقَابِلُ لِمَا سَكَنَ وَالسَّلَفُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ عَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ وَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَيَمْتَنِعُ لِلتُّهْمَةِ وَتَقَدَّمَ هَذَا لِلنَّاظِمِ فِي الْإِقَالَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ قَالَ:

وَسُوِّغَتْ إقَالَةٌ فِيمَا اُكْتُرِيَ

(الْبَيْتَ) إلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: أُكْرِيَ مِنْك هَذِهِ الدَّارَ وَهَذَا الْحَانُوتَ بِكَذَا شَهْرَ كَذَا أَوْ سَنَةَ كَذَا أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُسَمِّيَا الْكِرَاءَ لِكُلِّ شَهْرٍ أَوْ لِكُلِّ سَنَةٍ مَعَ إبْهَامِ الْمُدَّةِ كَقَوْلِهِ: أُكْرِيَ مِنْك كُلَّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ بِكَذَا أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ بِكَذَا فَإِذَا وَقَعَ هَذَا الْوَجْهُ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ ذَلِكَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَلَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَلَا فِي غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ سَكَنَ بَعْضَ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ وَيُؤَدِّيَ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَسَبِ مَا سَكَنَ.

وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَغَيْرِهَا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَرْضِ وَأَمَّا هِيَ فَتَلْزَمُهَا السَّنَةُ بِحِرَاثَتِهَا انْتَهَى مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْفَعْ الْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>