وَالنَّفَقَةِ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ جُزْءَ الثَّمَرَةِ فَكَيْفَ يُطْرَحُ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ؟ اهـ.
وَالْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الْبَيَاضِ ثُلُثًا أَوْ أَكْثَرَ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ لَا نَصِيبُ الْعَامِلِ فَقَطْ قَالَ الْبَاجِيُّ ظَاهِرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَبَعِيَّةُ الْبَيَاضِ لِجَمِيعِ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ فِي لَغْوِهِ وَفِي إدْخَالِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي إدْخَالِهِ فِيهَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي لَغْوِهِ لِلْعَامِلِ تَبَعِيَّتُهُ لَحْظَةً فَقَطْ اهـ.
مِنْ الْقَلْشَانِيِّ وَبَعْضُهُ مِنْ الْمَوَّاق إذَا فَرَغْنَا مِنْ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ بِتَقْرِيبٍ وَاخْتِصَارٍ فَلْنَرْجِعْ إلَى أَلْفَاظِ النَّظْمِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بَيَاضٌ قَلَّ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْبَيَاضِ الْقَلِيلِ وَهُوَ مَا كَانَ كِرَاؤُهُ ثُلُثًا فَأَقَلَّ مِنْ مَجْمُوعِ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَكِرَاءِ ذَلِكَ الْبَيَاضِ وَقَوْلُهُ وَرَبُّهُ يُلْغِيه أَيْ لِلْعَامِلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَهُوَ أَحَلُّهُ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَيْ أَحَلُّ لَهُ فَيُتَحَمَّلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ لِيَخْرُجَ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى عَقْدِ الْبَيَاضِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْعَامِلِ وَلَا بَأْسَ هُنَا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ الْإِمَامُ الْغُبْرِينِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَلَالَ مُتَفَاوِتٌ فَمَا كَانَ دَلِيلُهُ أَجْلَى أَوْ لَهُ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ يُؤْتَى بِهِ بِصِيغَةِ أَفْعَلَ وَمَا كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا فَيُقَالُ حَلَالٌ وَأَحَلُّ وَحَرَامٌ وَأَحْرَمُ قَالَ وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَازِرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ اهـ.
وَقَالَ الْقَلْشَانِيّ فِي شَرْحِهِ رَأَيْت لِلْإِمَامِ الْمَازِرِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ الْجَوْرَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ أَحَلُّهُ وَأَنَّهُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ وَكَيْفَ يَكُونُ بَعْضُ الْحَلَالِ أَحَلَّ مِنْ بَعْضٍ وَاَلَّذِي عَلِقَ الْآنَ بِحِفْظِي مِنْهُ إنْ ذَلِكَ يَرْجِعُ لِوُضُوحِ دَلِيلِ أَحَدِهِمَا وَقُوَّتِهِ فَهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْحِلْيَةِ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَبْلَغُ فِيهَا بِقُوَّةِ الدَّلِيلِ اهـ.
وَقَوْلُهُ
وَجَازَ أَنْ يَعْمَلَ ذَاكَ الْعَامِلُ
الْبَيْتَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُهُ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ فِي الْمُسَاقَاةِ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَسَاوَى الْجُزْءُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنْ الشَّجَرِ وَالْبَيَاضُ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالْآخَرَ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
لَكِنْ بِجُزْءٍ جُزْؤُهَا يُمَاثِلُ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الزَّرِيعَةُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يُزْدَرَعُ
مِنْ عِنْدِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَجُزْءُ الْأَرْضِ تَبَعٌ أَيْ لِلْمُسَاقَاةِ لِقِلَّتِهِ وَهُوَ كَالْمُسْتَغْنَى عَنْهُ لِأَنَّ قَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَيَاضِ الْقَلِيلِ وَقَوْلُهُ
وَحَيْثُمَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ
الْبَيْتَ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ الْعَامِلُ يَسْقِيه وَزَادَ هُنَا أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تُفْسَخُ إذَا اشْتَرَطَهُ وَظَاهِرُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا إشْكَالَ وَكَذَا بَعْدَهُ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ إمَّا إلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ وَإِمَّا إلَى إجَارَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا فَسَدَ مِنْ الْعُقُودِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ أُصُولٍ مَمْنُوعَةٍ هَلْ يُرَدُّ إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ
وَلَا تَصِحُّ مَعَ كِرَاءٍ لَا وَلَا ... شَرْطِ الْبَيَاضِ لِسِوَى مَنْ عَمِلَا
وَلَا اشْتِرَاطِ عَمَلٍ كَثِيرِ ... يَبْقَى لَهُ كَمِثْلِ حَفْرِ الْبِئْرِ
وَلَا اخْتِصَاصُهُ بِكَيْلٍ أَوْ عَدَدْ ... أَوْ نِحْلَةٍ مِمَّا عَلَيْهِ قَدْ عَقَدْ
ذَكَرَ هُنَا مَوَانِعَ لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ فَذَكَرَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مَعَ الْكِرَاءِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِنْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ أَوَّلَ الْبُيُوعِ
وَجَمْعٌ بَيْعٍ مَعَ شِرْكَةٍ وَمَعْ
الْبَيْتَيْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكِرَاءَ لَمْ يُذْكَرْ مَعَ تِلْكَ الْعُقُودِ وَلَكِنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ وَعَلَّلَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِمَا يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِهِمَا مِنْ كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَلَا تَصِحُّ أَيْضًا بِشَرْطِ الْبَيَاضِ مِنْ غَيْرِ الْعَامِلِ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَالْمَرَادُ بِالْبَيَاضِ الْبَيَاضُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ
وَإِنْ بَيَاضٌ قَلَّ مَا بَيْنَ الشَّجَرْ
وَهُوَ الْقَلِيلُ الْكَائِنُ بَيْنَ الشَّجَرِ الَّذِي يَصِلُهُ سَقْيُ الْعَامِلِ فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ وَلَا تَصِحُّ أَيْضًا مَعَ اشْتِرَاطِ عَمَلٍ كَثِيرٍ يَبْقَى لِرَبِّ الْحَائِطِ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ جَائِزٌ وَهُوَ عَلَيْهِ اشْتَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ مِثْلُ سَدِّ الْحَظِيرَةِ وَإِصْلَاحِ الضَّفِيرَةِ الْحَظِيرَةُ مَا يُحْظَرُ بِهِ الْحَائِطُ أَيْ يَمْنَعُ الدُّخُولَ إلَيْهِ كَالزَّرْبِ وَالْحَائِطِ وَالْحَفْرِ وَنَحْوِهَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَظْرِ بِالْمُشَالَةِ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ فَإِذَا انْفَتَحَتْ ثُقْبَةٌ فِي الزَّرْبِ أَوْ فِي الْحَائِطِ فَعَلَى الْعَامِلِ سَدُّهَا وَغَلْقُهَا وَالسَّدُّ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ رَوَيْنَاهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَقَالَ بَعْضُ شَارِحِي الرِّسَالَةِ بِالْمُعْجَمَةِ وَنُقِلَ عَنْ يَحْيَى مَا حُظِرَ بِزَرْبٍ