بِقِرَاضٍ وَأَيْضًا لَوْ آجَرَهُ عَلَى التَّجْرِ إلَى أَجَلٍ أَوْ قَارَضَهُ بِعُرُوضٍ لَمْ يَكُنْ قِرَاضًا صَحِيحًا وَأَمَّا عَدَمُ جَمْعِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقِرَاضُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلُّهُ لِغَيْرِهِمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي تَعْرِيفِهِ. (وَأُجِيبَ) عَنْ عَدَمِهِ مَنْعِهِ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقِرَاضِ مَا ذَكَرَهُ وَكَوْنُهُ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ شَرْطٌ فِي الصِّيغَةِ وَكَذَا كَوْنُهُ لَا يَكُونُ إلَى أَجَلٍ شَرْطٌ فِي الْعَمَلِ وَكَذَا كَوْنُهُ لَا يَكُونُ بِعَرْضِ شَرْطٍ فِي الْمَالِ وَالشَّرْطُ لَا يَتَوَقَّفُ تَصَوُّرُ الْمَاهِيَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْهَا وَعَنْ عَدَمِ جَمْعِهِ بِأَنَّ الصُّورَةَ الْمُعْتَرَضَ بِهَا إنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعَاتِ وَإِطْلَاقُ الْقِرَاضِ عَلَيْهَا مَجَازٌ اهـ. وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ تَمْكِينُ مَالٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ
إعْطَاءُ مَالٍ مَنْ بِهِ يُتَاجِرُ ... لِيَسْتَفِيدَ دَافِعٌ وَتَاجِرُ
مِمَّا يُفَادُ فِيهِ جُزْءًا يُعْلَمُ ... هُوَ الْقِرَاضُ وَبِفِعْلٍ يَلْزَمُ
يَعْنِي أَنَّ
الْقِرَاضَ هُوَ إعْطَاءُ مَالٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ لِيَسْتَفِيدَ كُلٌّ مِنْ دَافِعِهِ وَهُوَ رَبُّهُ وَالْعَامِلُ الَّذِي يَتَّجِرُ بِهِ مِمَّا يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَيَرْبَحُ فِيهِ جُزْءًا مَعْلُومًا كَنِصْفِ الرِّبْحِ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَوْ الثُّلُثَانِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالثُّلُثُ لِلْعَامِلِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِعْطَاءُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ هُوَ الْقِرَاضُ وَإِعْطَاءُ مَصْدَرٌ أُضِيفَ إلَى الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَالُ وَكَمُلَ بِالثَّانِي وَهُوَ مَنْ، وَمِمَّا يُفَادُ يَتَعَلَّقُ بِيَسْتَفِيدُ وَيُفَادُ بِمَعْنَى يَرْبَحُ أَوْ فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيْ يُفَادَ مِنْهُ وَجُزْءًا مَفْعُولٌ بِيَسْتَفِيدُ وَجُمْلَةُ يُعْلَمُ صِفَةٌ لِجُزْءًا. (قَالَ فِي الْمَعُونَةِ) وَصِفَةُ الْقِرَاضِ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ مَالًا إلَى غَيْرِهِ لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَيُشْتَرَى وَيَبِيعُ وَيُسْتَغْنَى مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى جُزْءٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (قَالَ اللَّخْمِيّ) الْقِرَاضُ جَعَالَةٌ فَلَا يَلْزَمُ بِالْقَبْضِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبِلَ الْعَمَلَ بِالْخِيَارِ فَإِذَا عَمِلَ وَشَغَلَ الْمَالَ ارْتَفَعَ الْخِيَارُ وَلَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ حَتَّى يَنِضّ.
(وَفِي الْمُقَرِّبِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ رَبِّ الْمَالِ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَرْجِعَهُ مِنْ الْعَامِلِ فَقَالَ إنْ كَانَ الْمَالُ عَلَى حَالِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَى بِهِ أَوْ خَرَجَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ (قَالَ الشَّارِحُ) وَقَوْلُ النَّاظِمِ وَبِفِعْلٍ يَلْزَمُ يَشْمَلُ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الِاشْتِرَاءِ بِمَالِ الْقِرَاضِ وَالْخُرُوجِ بِهِ لِأَنَّ الِاشْتِرَاءَ وَالْخُرُوجَ كِلَيْهِمَا فِعْلٌ اهـ.
وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ وَلَا يَلْزَمُ الْقِرَاضُ إلَّا بِالْعَمَلِ اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَعْلِ أَنَّ الْقِرَاضَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالْفِعْلِ
وَالنَّقْدُ وَالْحُضُورُ وَالتَّعْيِينُ ... مِنْ شَرْطِهِ وَيُمْنَعُ التَّضْمِينُ
وَلَا يَسُوغُ جَعْلُهُ إلَى أَجَلْ ... وَفَسْخُهُ مُسْتَوْجِبٌ إذَا نَزَلْ
وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ يَنْفَرِدْ ... بِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ يَقَعْ يُرَدُّ
(قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) تَضَمَّنَتْ الْأَبْيَاتُ شُرُوطَ الْقِرَاضِ وَمَوَانِعِهِ فَمِنْ شُرُوطِهِ النَّقْدُ الَّذِي هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَيُتَحَرَّزُ بِالنَّقْدِ مِنْ الْقِرَاضِ بِالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
(التَّوْضِيحُ) وَانْظُرْ هَلْ أَرَادَ بِالنَّقْدِ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ أَوْ مُطْلَقَ الْعَيْنِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ اهـ.
وَعَلَى الْمُرَادِ الدَّنَانِيرَ