للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَامْتَنَعَتْ لِوَارِثٍ إلَّا مَتَى ... إنْفَاذُ بَاقِي الْوَارِثِينَ ثَبَتَا

يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ مَمْنُوعَةٌ إلَّا إذَا أَجَازَهَا بَاقِي الْوَرَثَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» قَالَ فِي (الْمَنْهَجِ السَّالِكِ) وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ وَهِيَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ جَائِزَةٌ (وَفِي الْجَوَاهِرِ) وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَرَدِّهِمْ فَإِنْ رَدُّوهَا رَجَعَتْ مِيرَاثًا وَإِنْ أَجَازَهَا نَفَذَتْ ثُمَّ اُخْتُلِفَ بَعْدَ تَنْفِيذِهَا بِإِجَازَتِهَا هَلْ ذَلِكَ تَنْفِيذٌ بِفِعْلِ الْمُوصِي أَوْ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْقُضَاةُ الثَّلَاثَةُ أَبُو الْحَسَنِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ وَرَأَى الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ: أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. وَتَعْبِيرُ النَّاظِمِ بِامْتَنَعَتْ كَعِبَارَةِ الْمَنْهَجِ السَّالِكِ فَلَا تَجُوزُ بِخِلَافِ عِبَارَةِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ بِتَصِحُّ وَعَلَى أَنَّ إجَازَةَ الْوَرَثَةِ تُنَفَّذُ لَا تَفْتَقِرُ لِحَوْزٍ وَتَفْتَقِرُ عَلَى أَنَّهَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ.

(فَرْعٌ) مَنْ أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ وَاتُّهِمَ أَنْ يَكُونَ اتَّفَقَ مَعَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الْوَصِيَّةَ وَيَدْفَعَهَا لِبَعْضِ وَرَثَةِ الْمُوصِي وَأَنَّ ذَلِكَ تَحَيُّلٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَحْلِفُ وَيَبْرَأُ مِنْ التُّهْمَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ تُعْطَ لَهُ الْوَصِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ اُنْظُرْ أَوَائِلَ نَوَازِلِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْمِعْيَارِ.

وَلِلَّذِي أَوْصَى ارْتِجَاعُ مَا يَرَى ... مِنْ غَيْرِ مَا بَتَّلَ أَوْ مَا دُبِّرَا

يَعْنِي أَنَّ لِلْمُوصِي الرُّجُوعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَتْ إلَّا مَا بَتَّلَ عِتْقُهُ أَوْ عَطِيَّتُهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِخَبَرِ «إنَّ الْعَائِدَ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» وَإِلَّا مَا دَبَّرَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ رُجُوعٌ.

قَالَ فِي (الرِّسَالَةِ) وَلِلرَّجُلِ الرُّجُوعُ فِي وَصِيَّتِهِ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ أَوْصَى فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَ مِنْ ذَلِكَ مَا بَدَا لَهُ وَيَصْنَعَ فِيهِ مَا شَاءَ حَتَّى يَمُوتَ وَلَهُ أَنْ يَطْرَحَ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ وَيُبَدِّلَ غَيْرَهَا قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا بَتَّلَ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ صَدَّرَ وَصِيَّتَهُ وَكَتَبَ فِيهَا: إنَّ فُلَانًا حُرٌّ وَفُلَانٌ حُرٌّ قَالَ إذَا أَجْرَاهَا مَجْرَى الْوَصِيَّةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا.

قَالَ (ابْنُ الْقَاسِمِ) وَإِنْ كَتَبَ فِي أَمَتِهِ إنَّهَا مُدَبَّرَةٌ إنْ لَمْ أُحْدِثْ فِيهَا حَدَثًا فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ وَإِنْ قَالَ عَبْدِي مُدَبَّرٌ بَعْد مَوْتِي فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ وَقَالَ عَنْهُ مُحَمَّدٌ إنْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَعَبْدِي مُدَبَّرٌ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ.

وَفِي الْمَعُونَةِ: الْوَصِيَّةُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ سَوَاءٌ لِأَنَّهَا تُنَفَّذُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>