للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَقَّ بِهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَهَذِهِ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا فِي الْفَلَسِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأُولَى

وَاحْكُمْ بِذَا لِبَائِعٍ أَوْ صَانِعٍ

فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ الْبَيْتَ فَصَرَّحَ بِبَقَاءِ الشَّيْءِ بِيَدِ بَائِعِهِ وَقَالَ فِي هَذِهِ وَمَا حَوَاهُ مُشْتَرٍ فَصَرَّحَ بِأَنَّ الْمُشْتَرِي قَبَضَ مُشْتَرَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (تَنْبِيهٌ) إنَّمَا يَكُونُ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ فِي التَّفْلِيسِ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ:

(أَحَدُهَا) : ذَكَرَهُ النَّاظِمُ وَهُوَ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْغُرَمَاءُ ثَمَنَهَا (الثَّانِي) : أَنْ يُمْكِنَ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَيْسَ إلَّا الْمُحَاصَّةُ كَمَا إذَا أَفْلَسَ الزَّوْجُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ وَلَمْ تَقْبِضْ الصَّدَاقَ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ التَّصْرِيحُ بِهِ.

(الثَّالِثُ) : أَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْ حَالَتِهِ فَلَوْ طُحِنَ الْقَمْحُ أَوْ صَارَ الزُّبْدُ سَمْنًا أَوْ فُصِّلَ الثَّوْبُ فَلَيْسَ إلَّا الْمُحَاصَّةُ.

(الرَّابِعُ) : أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ وَالثَّوْبِ أَمَّا مَا لَا يُعْرَفُ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَإِنَّمَا لَهُ الْحِصَاصُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ صَبَّ الزَّيْتَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْجَرَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَخَلَطَهُ بِزَيْتِهِ فَلَهُ مَكِيلَتُهُ وَخَلْطُهُ بِمِثْلِهِ لَا يُفِيتُهُ. اهـ مِنْ الْقَلْشَانِيِّ.

وَلَيْسَ مَنْ رَدَّ بِعَيْبٍ مَا اشْتَرَى ... أَوْلَى بِهِ فِي فَلَسٍ إنْ اعْتَرَى

وَالْخُلْعُ فِي سِلْعَةِ بَيْعٍ فَاسِدِ ... ثَالِثُهَا اخْتِصَاصُهَا بِالنَّاقِدِ

اشْتَمَلَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ عَلَى مَسْأَلَةٍ وَالثَّانِي عَلَى أُخْرَى (فَالْأُولَى) : مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَدَفَعَ ثَمَنَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَفُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِذَلِكَ الْمَعِيبِ الَّذِي رَدَّهُ فِي ثَمَنِهِ بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ صَارَ بَائِعًا وَجَدَ سِلْعَتَهُ فِي التَّفْلِيسِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضُ بَيْعٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَنْ رَدَّ عَبْدًا بِعَيْبٍ فَفُلِّسَ بَائِعُهُ وَالْعَبْدُ بِيَدِهِ قَبْلَ قَبْضِ الرَّادِّ ثَمَنَهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ بَعْدَ الرَّدِّ وَنَحْوُهُ لَفْظُ النَّوَادِرِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ اُخْتُلِفَ إنْ لَمْ يُرَدَّ الْمَبِيعُ حَتَّى فُلِّسَ الْبَائِعُ مِنْ الْمَوَّاقِ.

وَلَفْظُ التَّوْضِيحِ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ فَأَرَادَ رَدَّهَا فَوَجَدَ الْبَائِعَ قَدْ فُلِّسَ وَإِنَّ لَهُ رَدَّهَا وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا (قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ) وَهَذَا عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا. اهـ. (وَأَمَّا الْبَيْتُ الثَّانِي) فَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَقَدْ كَانَ دَفَعَ ثَمَنَهَا أَوْ كَانَ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ ثُمَّ فُلِّسَ الْبَائِعُ وَالسِّلْعَةُ لَمْ تَفُتْ وَهِيَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا فِيمَا نَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ فِيمَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ الثَّانِي: لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ الثَّالِثُ: إنْ كَانَ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ كَانَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ الَّذِي فُلِّسَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ ثَمَنَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ) وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ إنْ وَجَدَ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ جَمِيعًا قَالَ جَمِيعَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَوْلُهُ: مَنْ رَدَّ، مَنْ: اسْمُ لَيْسَ، وَرَدَّ: صِلَةُ مَنْ، وَبِعَيْبٍ: يَتَعَلَّقُ بِرَدِّ، وَمَا اشْتَرَى: مَفْعُولُ رَدَّ، وَأَوْلَى: خَبَرُ لَيْسَ وَالنَّاقِدُ الَّذِي دَفَعَ الثَّمَنَ وَأَخْرَجَ بِهِ الَّذِي أَخَذَهَا عَنْ الدَّيْنِ.

وَزَوْجَةٌ فِي مَهْرِهَا كَالْغُرَمَا ... فِي فَلَسٍ لَا فِي الْمَمَاتِ فَاعْلَمَا

وَحَارِسُ الْمَتَاعِ وَالزَّرْعِ وَمَا ... أَشْبَهَهُ مَعَهُمْ قَدْ قَسَمَا

يَعْنِي إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ لَهَا الصَّدَاقَ ثُمَّ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ بِصَدَاقِهَا فِي الْفَلَسِ أَمَّا فِي الْمَوْتِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَهَذَا قَوْلُ الْجَلَّابِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُحَاصِصُ

<<  <  ج: ص:  >  >>