للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَقْتَلِ كَعَصْرِ الْأُنْثَيَيْنِ وَشِدَّةِ الضَّغْطِ وَالْخَنْقِ. زَادَ ابْنُ الْقَصَّارِ أَوْ يُطْبِقُ عَلَيْهِ بَيْتًا وَيَمْنَعُهُ الْغِذَاءَ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا. اهـ

(وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) : إنْ قَصَدَ ضَرَبًا وَإِنْ بِقَضِيبٍ كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ وَمُثْقَلٍ. قَالَ شَارِحُهُ الْحَطَّابُ أَيْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ الشَّخْصَ الْمَضْرُوبَ نَفْسَهُ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَضْرِبَ شَخْصًا عُدْوَانًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ، أَمَّا لَوْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهُ، فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَهُوَ خَطَأٌ. قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ صِفَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا يَظُنُّهُ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ فَهُوَ مِنْ الْخَطَأِ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَقَدْ مَضَى مِثْلُ ذَلِكَ «فِي مُسْلِمٍ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ بِعَهْدِ النَّبِيِّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَظُنُّونَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَوَدَاهُ النَّبِيُّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُهْدِرْهُ. اهـ» (قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ) : إذَا لَمْ يَعْمِدْ لِلْقَتْلِ وَلَا لِلتَّضْرِيبِ مِثْلَ أَنْ يَرْمِيَ الشَّيْءَ فَيُصِيبَ إنْسَانًا فَيَقْتُلَهُ فَهُوَ قَتْلُ خَطَإٍ بِإِجْمَاعٍ، لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ ضَرْبًا يُرِيدُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ لَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَالْأَدَبِ، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: فَإِنْ قَصَدَ الضَّرْبَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ، وَكَانَ الضَّرْبُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ، فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقِصَاصُ إلَّا فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ. (وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : وَأَمَّا اللَّعِبُ فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ خَطَأٌ، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ كَلَامُ الْحَطَّابِ. ابْنُ الْحَاجِبِ) فَلَوْ لَطَمَهُ أَوْ وَكَزَهُ أَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا مُتَعَمِّدًا عَلَى وَجْهِ الْقَتْلِ لَا اللَّعِبِ فَمَاتَ عَاجِلًا أَوْ مَغْمُورًا لَمْ يَتَكَلَّمْ فَفِيهِ الْقَوَدُ، فَلَوْ مَاتَ بَعْدُ وَقَدْ تَكَلَّمَ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا فَالْقَوَدُ بِقَسَامَةٍ، أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَوْ ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ أَمَّا لَوْ أَنْفَذَ لَهُ مَقْتَلًا فَلَا قَسَامَةَ وَلَوْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَعَاشَ أَيَّامًا. وَقَدْ تَلَخَّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الضَّرْبَ إمَّا عَمْدٌ أَوْ خَطَأً وَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا.

وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ هُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَعَلَيْهِ، فَهَلْ يَلْحَقُ بِالْعَمْدِ أَوْ بِالْخَطَأِ؟ ثَالِثُهَا أَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ. وَطَرِيقَةُ الْبَاجِيِّ تَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالزَّوْجِ وَالْمُؤَدِّبِ وَنَحْوِهِ يُصِيبُ مَقْتَلًا أَوْ غَيْرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَطَأِ حَتَّى يَثْبُتَ الْعَمْدُ لِذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَعَنْ مَالِكٍ: شِبْهُ الْعَمْدِ بَاطِلٌ لَا أَعْرِفُهُ إنَّمَا هُوَ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ. اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالْأُبُوَّةُ وَالْأُمُومَةُ أَثَرٌ فِي الدَّرْءِ بِاحْتِمَالِ الشَّبَهِ إذَا ادَّعَيَا عَدَمَ الْقَصْدِ كَمَا لَوْ حَذَفَهُ بِالسَّيْفِ وَادَّعَى أَدَبَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى لَوْ شَرَكَهُ أَحَدٌ فِي قَتْلِهِ قُتِلَ، أَمَّا لَوْ قَتَلَ مَعَ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ، كَمَا لَوْ ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ بَطْنَهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ الْأَبُ بِابْنِهِ بِحَالٍ.

(الثَّانِي) : إنَّمَا يُقْتَلُ الْقَاتِلُ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومَ الدَّمِ، فَلَا قِصَاصَ فِي قَتْلِ مُرْتَدٍّ وَلَا زِنْدِيقٍ وَلَا زَانٍ مُحْصَنٍ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ قَاتِلُهُمْ؛ لِلِافْتِيَاتِ، وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا. (الثَّالِثُ) : يُشْتَرَطُ فِي الْقَاتِلِ الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ كَوْنِهِ عَاقِلًا بَالِغًا أَنْ لَا يَكُونَ حَرْبِيًّا؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْمَقْتُولِ بِإِسْلَامٍ مُطْلَقًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا أَوْ بِحُرِّيَّةٍ فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا بِكَافِرٍ، وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ، وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا أَيْضًا.

(الرَّابِعُ) : الْوَاجِبُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ إنَّمَا هُوَ الْقِصَاصُ لَا غَيْرُ أَوْ الْعَفْوُ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ أَوْ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ

وَإِنْ وَلِيُّ الدَّمِ لِلْمَالِ قَبِلْ

.. إلَخْ. (الْخَامِسُ) : مَا ذَكَرَ النَّاظِمُ مِنْ أَنَّ الْقَتْلَ يَثْبُتُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ نَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ، وَلَفْظُهَا: وَلَا تُقْتَلُ نَفْسٌ بِنَفْسٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ أَوْ بِالْقَسَامَةِ إذَا وَجَبَتْ يُقْسِمُ الْوُلَاةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ. (السَّادِسُ) : نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّ الْقَسَامَةَ تَجِبُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ بِسَبْعَةِ أَوْجُهٍ ذَكَرَ النَّاظِمُ مِنْهَا خَمْسَةً كَمَا تَقَدَّمَ، وَزَادَ سَادِسًا وَهُوَ: إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ مُعَايَنَةَ الضَّرْبِ أَوْ الْجَرْحِ ثُمَّ يَمُوتُ بَعْدَ أَيَّامٍ.

وَسَابِعًا: وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ عَدْلٌ عَلَى الْإِجْهَازِ. وَثَامِنًا: وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ رَجُلٌ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا. فَقَالَ سَحْنُونٌ: إنَّ الْقَسَامَةَ تَجِبُ بِذَلِكَ وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافَ الْخَطَأِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُقْسَمُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. وَتَاسِعًا: وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ عَدْلٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمَضْرُوبُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>