يَعْنِي أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِي قَتْلِ عَبْدٍ وَلَا جَنِينٍ وَلَا كَافِرٍ، بَلْ مَنْ قَامَ لَهُ لَوْثٌ عَلَى قَتْلِ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ، حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَاسْتَحَقَّ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ.
(أَمَّا مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ) فَفِي الْمُوَطَّأِ: قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَبِيدِ أَنَّهُ إذَا أُصِيبَ الْعَبْدُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً، ثُمَّ كَانَ لَهُ قِيمَةُ عَبْدِهِ، وَلَيْسَ فِي الْعَبْدِ قَسَامَةٌ فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ، فَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ قَسَامَةٌ وَلَا يَمِينٌ، وَلَا يَسْتَحِقُّ سَيِّدُهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ، أَوْ بِشَاهِدٍ فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ (الْمَوَّاقُ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ سَيِّدُهُ أَوْ يَرْضَى سَيِّدُ الْمَقْتُولِ بِأَخْذِ قِيمَةِ عَبْدِهِ. اهـ
(وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْجَنِينِ) فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ضُرِبَتْ امْرَأَةٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَقَالَتْ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَفِي الْمَرْأَةِ الْقَسَامَةُ، وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ أَنَّهُ كَجُرْحٍ مِنْ جِرَاحِهَا، وَلَا قَسَامَةَ فِي الْجِرَاحِ، وَلَا تَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِشَاهِدٍ عَدْلٍ، فَيَحْلِفُ وُلَاتُهُ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ دِيَتَهُ. (ابْنُ يُونُسَ) : يُرِيدُ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَرِثُ الْغُرَّةَ يَمِينًا أَنَّهُ قَتَلَهُ. اهـ
(وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْكَافِرِ) فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي نَصْرَانِيٍّ قَامَ عَلَى قَتْلِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ مُسْلِمٌ: يَحْلِفُ وُلَاتُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى قَاتِلِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا. اهـ.
(تَتِمَّةٌ) وَكَذَلِكَ لَا قَسَامَةَ فِي جُرْحٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا قَسَامَةَ فِي الْجُرْحِ، لَكِنْ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا عَلَى جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلْيَحْلِفْ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ، وَيَأْخُذُ الْعَقْلَ فِي الْخَطَأِ. قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: لِمَ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ؟ قَالَ: كَلَّمْتُ مَالِكًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّهُ لَشَيْءٌ اسْتَحْسَنَّاهُ، وَمَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا. اهـ وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَالَ فِيهَا مَالِكٌ بِمَا اسْتَحْسَنَهُ، وَإِنْ لَمْ يُرْوَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ، وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِ الشَّيْخِ ابْنِ غَازِيٍّ فِي نَظَائِرِ الرِّسَالَةِ،
وَقَالَ مَالِكٌ بِالِاخْتِيَارِ ... فِي شُفْعَةِ الْأَنْقَاضِ وَالثِّمَارِ
وَالْجُرْحُ مِثْلُ الْمَالِ فِي الْأَحْكَامِ ... وَالْخَمْسُ فِي أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ
وَقَسَامَةٌ: اسْمُ لَيْسَ وَلَا عَدُوِّ بِالْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى جَنِينٍ، وَالْمُرَادُ بِعَدُوِّ الدِّينِ الْكَافِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْقَوَدُ الشَّرْطُ بِهِ الْمِثْلِيَّهْ ... فِي الدَّمِ بِالْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّهْ
وَقَتْلُ مُنْحَطٍّ مَضَى بِالْعَالِي ... لَا الْعَكْسُ وَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ
تَقَدَّمَ لِلنَّاظِمِ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَاتِلِ الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ، وَزَادَ هُنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ لِلْمَقْتُولِ فِي الدَّمِ أَيْ فِي الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ؛ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا زَادَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِإِسْلَامٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ، فَلَا يُقْتَصُّ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَاتِلِ؛ لِعَدَمِ التَّكَافُؤِ وَالْمُمَاثَلَةِ، فَلِأَجْلِ الزِّيَادَةِ بِالْإِسْلَامِ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا بِكَافِرٍ.
وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا، قَتَلَهُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَلِأَجْلِ الزِّيَادَةِ بِالْحُرِّيَّةِ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْإِسْلَامِ، فَلَوْ تَمَيَّزَ الْقَاتِلُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَالْمَقْتُولُ بِالْإِسْلَامِ، فَقَتَلَ كَافِرٌ حُرٌّ عَبْدًا مُسْلِمًا، فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَمَّا أَوْهَمَ اشْتِرَاطُ التَّكَافُؤِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ