للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الرَّجُلُ يُحْبَسُ بِاللَّطْخِ وَالشُّبْهَةِ، وَيُطَالُ حَبْسُهُ حَتَّى أَنَّ أَهْلَهُ لَيَتَمَنَّوْنَ لَهُ الْمَوْتَ مِنْ طُولِ حَبْسِهِ. اهـ

(فَرْعٌ) وَكَذَلِكَ يُسْجَنُ الْقَاتِلُ إذَا كَانَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ غَائِبًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَفِيلٌ. (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَيُحْبَسُ، وَلَا يُكْفَلُ؛ إذْ لَا كَفَالَةَ فِي قِصَاصِ نَفْسٍ وَلَا جُرْحٍ، وَكَذَلِكَ يُسْجَنُ الْقَاتِلُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَفِيلٌ إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ فِي الْعَمْدِ، فَيُسْجَنُ حَتَّى يُزَكَّى بِخِلَافِ قَتْلِ الْخَطَأِ وَجِرَاحِهِ، فَإِنَّهُ مَالٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ، أَوْ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِذَا كَانَ مَالًا فَيُقْبَلُ الْكَفِيلُ، وَهُوَ إمَّا عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ، أَوْ عَلَى الْجَانِي إنْ لَمْ يَبْلُغْهُ، وَكَذَلِكَ يُسْجَنُ الْقَاتِلُ إذَا كَانَ فِي الْمُسْتَحِقِّينَ صَغِيرٌ حَتَّى يَكْبُرَ الصَّغِيرُ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ، حَكَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ أَيْضًا

وَالْعَفْوُ لَا يُغْنِي مِنْ الْقَرَابَهْ ... فِي الْقَتْلِ بِالْغِيلَةِ وَالْحِرَابَهْ

يَعْنِي أَنَّ الْقَتْلَ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْغِيلَةِ أَوْ الْحِرَابَةِ، فَإِنَّ عَفْوَ الْوَلِيِّ لَا يُسْقِطُهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْوَلِيِّ وَالْحِرَابَةُ أَعَمُّ مِنْ الْغِيلَةِ، فَكُلُّ غِيلَةٍ حِرَابَةٌ، وَلَيْسَ كُلُّ حِرَابَةٍ غِيلَةً. قَالَ الشَّيْخُ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: حَقِيقَةُ الْغِيلَةِ قَالَ الْبَوْنِيُّ هِيَ الْغَدْرُ وَهِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَقْتُلَهُ عَلَى مَالِهِ أَوْ عَلَى زَوْجَتِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الزَّنَّاقُ الْغِيلَةُ الْقَتْلُ بِحِيلَةٍ وَالْإِتْيَانُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ لَا يَتَوَهَّمُهُ. قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَقَتْلُ الْغِيلَةِ لَا عَفْوَ فِيهِ. قَالَ الْجُزُولِيُّ يَعْنِي لَا لِلْمَقْتُولِ وَلَا لِأَوْلِيَائِهِ، وَلَا لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى. اهـ ثُمَّ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ أَيْضًا: وَلِلرَّجُلِ الْعَفْوُ عَنْ دَمِهِ الْعَمْدِ إنْ لَمْ يَكُنْ قُتِلَ غِيلَةً، وَلِكَوْنِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ إذَا قَتَلَ الذِّمِّيَّ قَتْلَ غِيلَةٍ أَوْ حِرَابَةٍ.

وَالْحِرَابَةُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخُرُوجُ لِإِخَافَةِ سَبِيلٍ؛ لِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ أَوْ خَوْفِهِ أَوْ إذْهَابِ عَقْلٍ أَوْ قَتْلِ خُفْيَةٍ، أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، لَا لِإِمْرَةٍ وَلَا نَائِرَةٍ، وَلَا عَدَاوَةٍ. (ابْنُ شَاسٍ) لَوْ دَخَلَ بِاللَّيْلِ وَأَخَذَ الْمَالَ بِالْمُكَابَرَةِ، وَمَنَعَ مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ فَهُوَ مُحَارِبٌ. ابْنُ شَاسٍ قَتْلُ الْغِيلَةِ أَيْضًا مِنْ الْحِرَابَةِ، وَهُوَ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>