للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا إذَا كَانَ الْجَنِينُ مَحْكُومًا لَهُ بِالْإِسْلَامِ لِكَوْنِ أَبِيهِ مُسْلِمًا وَكَانَ حُرًّا لِكَوْنِ أُمِّهِ حُرَّةً سَوَاءٌ كَانَ أَبُوهُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ضُرِبَتْ أُمُّهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَكَذَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ وَيَجِبُ فِي جَنِينِ الْكِتَابِيِّ نِصْفُ دِيَةِ جَنِينِ الْمُسْلِمِ، وَدِيَةُ جَنِينِ الْمَجُوسِيِّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. (ابْنُ الْحَاجِبِ) : وَفِي جَنِينِ الرَّقِيقِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ وَقِيلَ مَا نَقَصَهَا. (التَّوْضِيحُ) الْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى حُرِّيَّةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِابْنِ وَهْبٍ.

(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغُرَّةُ الْجَنِينِ مُشْتَرَطَةٌ بِانْفِصَالِهِ مَيِّتًا قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (التَّوْضِيحُ) : اُتُّفِقَ عَلَى وُجُوبِ الْغُرَّةِ إذَا انْفَصَلَ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ وَاخْتُلِفَ إذَا انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهَا فَالْمَشْهُورُ لَا غُرَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْ الْمَيِّتَةِ. وَالشَّاذُّ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. اهـ وَقَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ: فِي حَيَاةِ أُمِّهِ أَوْ انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهَا. يُرِيدُ مَيِّتًا فِي الْوَجْهَيْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) الْمُرَادُ بِالْجَنِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا تُلْقِيهِ الْمَرْأَةُ مِمَّا يُعْرَفُ أَنَّهُ وَلَدٌ مُضْغَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : هَذَا الْبَابُ وَمَا تَكُونُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ وَمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُعْتَدَّةُ وَاحِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدَّمِ الْمُجْتَمِعِ الَّذِي لَا يَذُوبُ بِالْمَاءِ السُّخْنِ. (الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْجَنِينُ تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ مِنْ غُرَّةٍ وَدِيَةٍ. (التَّوْضِيحُ) مِنْ غُرَّةٍ يَعْنِي إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ وَدِيَةٍ إنْ اسْتَهَلَّ

وَغُلِّظَتْ فَثُلِّثَتْ فِي الْإِبِلِ ... وَقُوِّمَتْ لِلْعَيْنِ فِي الْقَوْلِ الْجَلِيِّ

وَهُوَ بِالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ ... يَخْتَصُّ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ

تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ الضَّرْبَ إمَّا عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ: إنْ ضَرَبَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الضَّرْبُ مِنْ زَوْجٍ وَمُؤَدِّبٍ وَأَبٍ لَيْسَ هُوَ عَمْدًا وَإِنَّمَا هُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَأَنْكَرَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَقَالَ: شِبْهُ الْعَمْدِ بَاطِلٌ لَا أَعْرِفُهُ إنَّمَا هُوَ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ. وَعَلَى ثُبُوتِهِ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ الْبَاجِيِّ تَحْكِي الِاتِّفَاقَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ تَحْكِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ قِيلَ: هُوَ عَمْدٌ وَقِيلَ: خَطَأٌ. ثَالِثُهَا هُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ لَا عَمْدٌ حَقِيقَةً فَتُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ. (وَفِي التَّوْضِيحِ) : لَمْ يُنْكِرْ مَالِكٌ شِبْهَ الْعَمْدِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ بَلْ أَنْكَرَهُ فِيمَا عَدَا الْأَبَ وَحَكَى الْعِرَاقِيُّونَ إثْبَاتَهُ فِيمَا عَدَا الْأَبَ أَيْضًا. (الْبَاجِيُّ) وَلَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِهِ فِي حَقِّ الْأَبِ (اللَّخْمِيُّ) وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: الْقَتْلُ بِغَيْرِ آلَةِ الْقَتْلِ كَالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْبُنْدُقَةِ وَاللَّطْمَةِ وَالْوَكْزَةِ.

وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بِآلَةٍ لِلْقَتْلِ لَكِنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى قَصْدِ الْقَتْلِ كَفِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ بِوَلَدِهِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ أُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ كَمُعَلِّمِ الثِّقَافِ وَالطَّبِيبِ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى صِفَةٍ يُرَادُ بِهَا الْقَتْلُ وَيَتَقَدَّمُهُ بِسَاطٌ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ بِهِ الْقَتْلَ كَالْمُتَصَارَعِينَ وَالْمُتَلَاعَبِينَ. اهـ وَعَلَى تَغْلِيظِ الدِّيَةِ عَلَى مَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى قَصْدِ الْقَتْلِ تَكَلَّمَ النَّاظِمُ هُنَا فَأَخْبَرَ أَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ أَوْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ إذَا ضَرَبَ وَلَدَهُ بِحَدِيدَةٍ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا بِدَلِيلِ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْقَاتِلَ كَذَلِكَ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَغْلِيظُ الدِّيَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ: وَتُغَلَّظُ الدِّيَةُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ دُونَ غَيْرِهِمْ فِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا يَقْتُلُونَ بِهِ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ بِحَدِيدَةٍ وَشَبَهِهَا وَهُوَ عَمْدٌ وَلِذَلِكَ لَا يَرِثُ مِنْ مَالِهِ وَيُقْتَلُ غَيْرُهُمْ كَفِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : جَمَعَ الْآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ لِتَدْخُلَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَمَا تَقَدَّمَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَعْمَامِ وَنَحْوِهِمْ. اهـ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ لِلْأَبِ كَالْأَبِ وَفِي كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُمِّ كَالْأُمِّ أَوْ كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اهـ وَقَالَ قَبْلَهُ: وَلِلْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ أَثَرٌ فِي الدَّرْءِ بِاحْتِمَالِ الشُّبْهَةِ إذَا ادَّعَيَا عَدَمَ الْقَصْدِ كَمَا لَوْ حَذَفَهُ بِالسَّيْفِ وَادَّعَى أَدَبَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى لَوْ شَرَكَهُ أَحَدٌ فِي قَتْلٍ، أَمَّا لَوْ قَتَلَ مَعَ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ اُقْتُصَّ مِنْهُ كَمَا لَوْ ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ بَطْنَهُ أَوْ حَزَّ يَدَهُ فَقَطَعَهَا أَوْ وَضَعَ أُصْبُعَهُ فِي عَيْنِهِ فَأَخْرَجَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ اعْتَرَفَ بِالْقَصْدِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ الْأَبُ بِابْنِهِ بِحَالٍ. (التَّوْضِيحُ) وَأَشَارَ بِقِصَّةِ الْمُدْلِجِيِّ إلَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>