للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ (الْبَاجِيُّ) ، مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ خَطِّهِ أَنَّهُ كَلَفْظِهِ وَهُوَ لَوْ سَمِعَهُ يَقُصُّ شَهَادَتَهُ لَمْ يَنْقُلْهَا عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إجَازَتَهَا. اهـ.

وَقَوْلُهُ " اكْتَفَى فِيهِ بِعَدْلَيْنِ " أَيْ: يَكْتَفِي فِي ثُبُوتِ خَطِّ الْعَدْلِ الْمَيِّتِ، أَوْ الْغَائِبِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَنَّ الْخَطَّ خَطُّ فُلَانٍ الْمَيِّتِ، أَوْ الْغَائِبِ، وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْعَدْلَيْنِ، كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَى خَطِّهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ عَدْلٍ مِنْ قَوْلِهِ " وَخَطُّ عَدْلٍ " يَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَبِأَكْثَرَ فَإِذَا كَانَ الصَّكُّ بِعَدْلَيْنِ مَيِّتَيْنِ، أَوْ غَائِبَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، فَإِنَّهُ يَكْتَفِي فِي إثْبَاتِ خَطِّهِمَا مَعًا بِعَدْلَيْنِ، وَفِي التَّعْبِيرِ بِالِاكْتِفَاءِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى خَطِّ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ فَيَحْتَاجُ فِي الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَى أَرْبَعَةٍ عُدُولٍ فَتَطْلُبُ النَّصَّ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ " وَفِي الْمَالِ اُقْتُفِيَ وَالْحَبْسُ إنْ يَقْدُمَ " يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ هَلْ يُعْمَلُ بِهَا فِي الْمَالِ وَالْحَبْسِ الْقَدِيمِ فَقَطْ، أَوْ يُعْمَلُ بِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ " وَبِهِ الْعَمَلُ " فِي زَمَانِ النَّاظِمِ يَعْنِي وَكَذَا فِي زَمَانِنَا، وَقَوْلُهُ " كَذَا فِي الْغَيْبَةِ " التَّشْبِيهُ فِي ثُبُوتِ خَطِّ الشَّاهِدِ الْغَائِبِ بِعَدْلَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ إذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْغَيْبَةِ، أَوْ الْمَوْتِ، وَلَعَلَّهُ أَعَادَهُ لِبَيَانِ قَدْرِ الْغَيْبَةِ الَّذِي هُوَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَقَوْلُهُ " مُطْلَقًا " أَيْ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ " وَفِي الْمَالِ اُقْتُفِيَ " إلَخْ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي قَبُولِهَا فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ قَوْلَانِ: (التَّوْضِيحُ) الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْأَمْوَالِ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ قَالُوا لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ إلَّا حَيْثُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: لِمَالِكٍ اهـ (وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ) أَكْثَرُ مَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِإِجَازَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْأَحْبَاسِ الْقَدِيمَةِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَنَقَلَهُ قَبْلَهُ مِنْ الْمُفِيدِ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ: جَرَى الْعَمَلُ مِنْ الْقُضَاةِ بِبَلَدِنَا يَعْنِي قُرْطُبَةَ بِإِجَازَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ، وَلَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْأَحْبَاسِ، وَغَيْرِهَا فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ.

(فَرْعٌ) ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْقَطْعِ حَتَّى يَكُونَ فِي مَعْرِفَةِ الْخَطِّ، وَمَعْرِفَةُ الشُّهُودِ لَهُ كَمَعْرِفَةِ الْحَيَوَانِ، وَالثِّيَابِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ، وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْقَزْوِينِيِّ أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْعِلْمِ. اهـ مِنْ التَّوْضِيحِ أَيْضًا اُنْظُرْ أَوَّلَ الْبَابِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: " وَخَطُّ شَاهِدٍ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِمَا إنْ عَرَفَهُ كَالْمُعَيَّنِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مَشْهَدَهُ وَتَحَمَّلَهَا عَدْلًا " (الْمُتَيْطِيُّ) لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ إلَّا مِنْ الْفَطِنِ الْعَارِفِ بِالْخُطُوطِ وَمُمَارَسَتِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَدْرَكَ صَاحِبَ الْخَطِّ. اهـ (فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ الشَّاهِدُ عَلَى الْخَطِّ أَنَّ الشَّاهِدَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ الْمَشْهُودُ عَلَى خَطِّهِ كَانَ يَعْرِفُ مَنْ أَشْهَدَهُ مَعْرِفَةَ الْعَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى خَطِّهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْجَوَازُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>