للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجَتُهُ تَزَوَّجَهَا بِالسَّمَاعِ لَمْ يَسْتَوْجِبْ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ إنَّمَا تَنْفَعُ مَعَ الْحِيَازَةِ لِلْمَرْأَةِ وَهَذَا لَمْ يَحُزْهَا إلَيْهِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ مِنْ وَاحِدٍ وَقَدْ فَشَا ذِكْرُهُ وَوَاحِدٌ لَا يَجُوزُ بِهِ النِّكَاحُ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ.

(قَالَ الْقَاضِي الْمِكْنَاسِيُّ) : قُلْت فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنْ لَا يَبْنِيَ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مَعَ أَنَّهُ يَرِثُهَا بِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ سَمَاعًا مُنْتَشِرًا مُسْتَفِيضًا يَقَعُ بِهِ الْعِلْمُ كَمَا أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُمْكِنُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي هَذَا أَنَّهُ يَبْنِي بِهَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، لَا سِيَّمَا إذَا طَالَ الْأَمْرُ وَمَاتَتْ الْبَيِّنَاتُ. اهـ (وَفِي التَّوْضِيحِ) عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ أَحَدُهُمَا فَلَا. اهـ.

وَتَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ انْتِشَارُ الْحُرْمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الرَّضَاعِ، وَتَجُوزُ فِي الْحَيْضِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ الْبُلُوغُ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْعِدَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَتَجُوزُ فِي الْمِيرَاثِ فَيَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا وَارِثُ فُلَانٍ وَذَلِكَ يَئُولُ إلَى النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، وَتَجُوزُ فِي الْوِلَادَةِ، وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَيْهَا أَيْضًا أَنْ تَصِيرَ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْخُرُوجُ مِنْ الْعِدَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَتَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنْ تَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ دُونَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الرَّدِّ فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا قَبُولُ شَهَادَةِ مَنْ عُدِّلَ، وَعَدَمُ قَبُولِهَا مِمَّنْ جُرِحَ، وَتَجُوزُ فِي الْوَلَاءِ وَإِنَّ فُلَانًا مُعْتَقٌ لِفُلَانٍ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ فَيَرِثُهُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ مِنْ نَسَبِهِ، وَتَجُوزُ فِي الرُّشْدِ وَالسَّفَهِ، وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا إمْضَاءُ تَصَرُّفَاتِ الرَّشِيدِ وَرَدِّ تَصَرُّفَاتِ الْمَحْجُورِ عَلَى تَفْصِيلٍ مَذْكُورٍ فِي مَحَلِّهِ، وَتَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَثْبُتُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ.

(قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَنْجُورِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ الْمُنْتَخَبِ) : وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي: سَيِّدِي عَلِيًّا الزَّقَّاقَ إنَّمَا هِيَ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ، (قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ غَازِيٍّ) : وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْقَرَافِيُّ وَالْغِرْنَاطِيُّ لَفْظَ الْوَصِيَّةِ غَيْرَ مُفَسَّرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَصَدُوا مَا فِي الْكَافِي مِنْ الْإِيصَاءِ بِالنَّظَرِ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ الْوَصِيَّةَ فِي النَّظْمِ الَّذِي فِي أَوَّلِهِ

يَا سَائِلِي عَمَّا يُنَفَّذُ حُكْمُهُ

، وَتَجُوزُ أَيْضًا فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِحَائِزِهِ وَلَا تَنْفَعُ لِغَيْرِ الْحَائِزِ لِضَعْفِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّاظِمُ: الْمِلْكِ بِيَدِ وَأَمَّا قَوْلُهُ

يُقَامُ فِيهِ بَعْدَ طُولِ الْمَدَدِ

وَقَوْلُهُ وَحَبْسٍ جَازَ إلَخْ فَيَأْتِي بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ قَرِيبًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ -، وَتَجُوزُ فِي الْحَبْسِ الْقَدِيمِ وَلِذَلِكَ قَالَ: جَازَ مِنْ السِّنِينَ إلَخْ. (التَّوْضِيحُ) وَلَا تُفِيدُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي الْحَبْسِ إلَّا مَعَ الْقَطْعِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ بِحُرْمَةِ الْأَحْبَاسِ. اهـ وَتَجُوزُ أَيْضًا فِي عَزْلِ حَاكِمٍ أَوْ تَوْلِيَتِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى تَوْلِيَتِهِ نُفُوذُ حُكْمِهِ، وَعَلَى عَزْلِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ، وَتَجُوزُ أَيْضًا فِي إثْبَاتِ ضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ.

(تَتْمِيمٌ) قَالَ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ التَّبْصِرَةِ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ (قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ) : شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَهَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: تَقْيِيدُ الْعِلْمِ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالتَّوَاتُرِ كَالسَّمَاعِ بِأَنَّ مَكَّةَ مَوْجُودَةٌ وَمِصْرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذِهِ إذَا حَصَلَتْ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِالرُّؤْيَةِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا يُفِيدُ الْعِلْمَ، الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ وَهِيَ تُفِيدُ ظَنًّا قَوِيًّا يَقْرُبُ مِنْ الْقَطْعِ وَتَرْتَفِعُ عَنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ مِثْلَ: أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهَا، وَمِنْهَا إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ رُؤْيَةً مُسْتَفِيضَةً، وَرَآهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَشَاعَ أَمْرُهُ فِيهِمْ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ أَوْ الْفِطْرُ مَنْ رَآهُ وَمَنْ لَمْ يَرَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْخَبَرِ الْمُسْتَفِيضِ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَهَادَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا تَعْدِيلٍ قَالَهُ الطُّرْطُوشِيُّ وَمِنْهَا اسْتِفَاضَةُ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ وَمَا يَسْتَفِيضُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ ذَلِكَ.

(قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ) : مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ الْحَاكِمُ لِإِشْهَارِ عَدَالَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْأَلُ عَنْهُ لِاشْتِهَارِ جُرْحَتِهِ وَإِنَّمَا يُكْشَفُ عَمَّا يُشْكِلُ وَمِنْهَا الْقَسَامَةُ بِالسَّمَاعِ بِالِاسْتِفَاضَةِ، (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) : مِثْلُ أَنْ يَعْدُوَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فِي سُوقٍ مِثْلِ سُوقِ الْأَحَدِ وَمَا أَشْبَهَهُ فِي كَثْرَةِ النَّاسِ فَقَطَعَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ، فَرَأَى مَنْ ارْتَضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ إنْ كَثُرَ هَكَذَا وَتَظَاهَرَ بِمَنْزِلَةِ اللَّوْثِ تَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ. الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ وَهِيَ الَّتِي يَقْصِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>