للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إغْرَاقٌ فِي الْقِيَاسِ اهـ.

وَقِدَمُ التَّارِيخِ تَرْجِيحٌ قُبِلْ ... لَا مَعَ يَدٍ وَالْعَكْسُ عَنْ بَعْضٍ نُقِلْ

وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَاكَ عِنْدَمَا ... لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ لَنَا بَيْنَهُمَا

يَعْنِي إذَا تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جُمِعَ، ابْنُ عَرَفَةَ تَقَرَّرَ صُورَةُ الْجَمْعِ مِثْلَ قَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَسْلَمْت لَك هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ سِوَاهُ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ، لَزِمَهُ أَخْذُ الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ فِي مِائَتَيْ إرْدَبٍّ اهـ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى التَّرْجِيحِ، وَالتَّرْجِيحُ يَكُونُ بِأَشْيَاءَ مِنْ جُمْلَتِهَا قِدَمُ التَّارِيخِ، فَإِنْ كَانَ تَارِيخُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَقْدَمَ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حَدِيثَةِ التَّارِيخِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَائِمُ بِحَدِيثَةِ التَّارِيخِ حَائِزًا يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ بِمَحْضَرِ الْمُدَّعِي وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي سُكُوتِهِ عَنْهُ، فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَحْدَثَ تَارِيخًا؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ بِيَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ قَاطِعٌ لِحُجَّتِهِ، وَقِيلَ بِعَكْسِ هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ التَّارِيخُ الْمُتَأَخِّرُ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا يَمْلِكُ الْأَمَةَ مُنْذُ عَامٍ، وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِآخَرَ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مُنْذُ عَامَيْنِ، فَإِنِّي أَقْضِي بِبَيِّنَةِ أَبْعَدِ التَّارِيخَيْنِ إنْ عُدِّلَتْ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَعْدَلَ، وَلَا أُبَالِي بِيَدِ مَنْ كَانَتْ الْأَمَةُ إلَّا أَنْ يَحُوزَهَا الْأَقْرَبُ تَارِيخًا بِالْوَطْءِ وَالْخِدْمَةِ وَالِادِّعَاءِ لَهَا بِمَحْضَرِ الْآخَرِ، فَهَذَا يَقْطَعُ دَعْوَاهُ فِيهَا وَفِيهِ أَيْضًا. عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ قَالَ أَشْهَبُ فِي عَبْدٍ بِيَدِ رَجُلٍ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ مُنْذُ عَامَيْنِ، وَأَقَامَ حَائِزُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ، قُضِيَ بِهِ لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَحُوزَهُ الْآخَرُ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ بِمَحْضَرِ هَذَا وَعِلْمِهِ فَأَقْضِي لَهُ بِهِ، قَالَ: وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ، وَأَقَامَ الْحَائِزُ بَيِّنَةً أَنَّهُ فِي يَدِهِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ لَهُ قَالَ: أُرَاهُ لِمَنْ شَهِدُوا لَهُ أَنَّهُ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ بَيِّنَةٌ بِالْحَوْزِ لَهُ عَلَى الْآخَرِ بِوَجْهِ الْمِلْكِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

(قَالَ اللَّخْمِيُّ) : وَإِنْ وُرِّخَتَا قُضِيَ لِلْأَقْدَمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَعْدَلَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ تَحْتَ يَدِ ثَالِثٍ أَوْ لَا يَدَ عَلَيْهَا. اهـ فَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ يَدِ صَاحِبِ التَّارِيخِ الْأَحْدَثِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْأَقْدَمِ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْأَحْدَثِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَالْعَكْسُ عَنْ بَعْضٍ نُقِلَ " فَمُرَادُهُ بِالْعَكْسِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْأَقْدَمِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِ صَاحِبِ الْأَحْدَثِ، وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَقْدِيمُ ذَاتِ التَّارِيخِ الْأَحْدَثِ عَلَى أَنَّ الْعَكْسَ الْحَقِيقِيَّ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ صَاحِبِ التَّارِيخِ الْأَحْدَثِ وَلَوْ كَانَ الشَّيْءُ بِيَدِ صَاحِبِ التَّارِيخِ الْأَقْدَمِ، فَاسْتَظْهِرْ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّقْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>