مُطْلَقًا بَلْ يُقَالُ: هِيَ صَحِيحَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَالْجُعْلُ، فَاسِدَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآجِرِ، يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَالِ وَلِهَذَا فِي الشَّرِيعَةِ نَظَائِرُ.
وَنَصُّ أَحْمَدَ عَلَى كَرَاهَةِ نِطَارَةِ كَرْمِ النَّصْرَانِيِّ لَا يُنَافِي هَذَا، فَإِنَّا نَنْهَاهُ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ وَعَنْ ثَمَنِهِ، ثُمَّ نَقْضِي لَهُ بِكِرَائِهِ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا لَكَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ، وَإِعَانَةٌ لِلْعُصَاةِ، فَإِنَّ مَنِ اسْتَأْجَرُوهُ عَلَى عَمَلٍ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ قَدْ حَصَّلُوا غَرَضَهُمْ مِنْهُ، ثُمَّ لَا يُعْطُونَهُ شَيْئًا، وَإِذَا أَخَذَ مِنْهُمُ الْعِوَضَ يُنْزَعُ مِنْهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَيْهِمْ هَنِيئًا مُوَفَّرًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِيمَنْ سَلَّمَ إِلَيْهِمُ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ الَّتِي اسْتَأْجَرُوهُ عَلَيْهَا كَالْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ؟
قِيلَ: إِنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُمُ الْعِوَضَ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِهِ، بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قُبِضَ لَهُ لَمْ يَطِبْ لَهُ أَكْلُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ بِذَلِكَ، وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ قَبْضًا فَاسِدًا، وَهَذَا فِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ:
إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَأْكُلُهُ وَلَا يَرُدُّهُ، بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُبَاحُ لِلْأَخْذِ، وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي أُجْرَةِ حَمَّالِ الْخَمْرِ.
وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْبَاذِلِ الْمُسْتَأْجِرِ ; لِأَنَّهَا مَقْبُوضَةٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، فَيَجِبُ رَدُّهَا عَلَيْهِ كَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدِ الرِّبَا وَنَحْوِهِ مِنَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، قِيلَ لَهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute