للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ نِكَاحَ الْخَمْسِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ، وَالدَّوَامِ، فَكَانَ بَاطِلًا كَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ تَحْرِيمَ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَدَدِ الْمُبَاحِ، وَالزِّيَادَةُ يُمْكِنُ إِبْطَالُهَا دُونَ النِّصَابِ، فَإِنَّ الْمَفْسَدَةَ تَخْتَصُّ بِهَا، فَلَا مَعْنَى لِتَعْدِيَةِ الْإِبْطَالِ إِلَى النِّصَابِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ إِضْرَارًا بِهِ، وَتَنْفِيرًا لَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَقَدْ أَمْكَنَ إِزَالَةُ الْمَفْسَدَةِ بِمُفَارَقَةِ مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ، فَيَبْقَى النِّكَاحُ فِي حَقِّ الْأَرْبَعِ صَحِيحًا، فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ، كَمَا أَنَّهُ مُقْتَضَى السُّنَّةِ. وَهَذَا بِخِلَافِ نِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، فَإِنَّ الْمَفْسَدَةَ الَّتِي فِيهِ لَا تَزُولُ إِلَّا بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ، لِقِيَامِ سَبَبِ التَّحْرِيمِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ تَحْرِيمَ الزَّائِدِ عَلَى أَرْبَعٍ إِنَّمَا نَشَأَ مِنْ جِهَةِ انْضِمَامِهِ إِلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ، وَإِلَّا فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَوِ انْفَرَدَتْ صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ تَحْرِيمِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ لِذَاتِهَا وَعَيْنِهَا، فَقِيَاسُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَاسِدٌ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ تَحْرِيمَ الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعِ أَخَفُّ مِنْ تَحْرِيمِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، وَلِهَذَا أُبِيحَ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ، وَلَمْ تُبَحْ

<<  <  ج: ص:  >  >>