للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ، فَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ، وَنَحْنُ لَا نَنْظُرُ إِلَى ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ كَيْفَ وَقَعَ، بَلْ إِلَى حَالِهِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا قَدْ سَاعَدْتُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرٍ وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَلَا مَهْرٍ، أَوْ فِي عِدَّةٍ، ثُمَّ انْقَضَتْ، أَوْ بِغَيْرِ تَرَاضٍ لَمْ يُبْطِلْهُ الْإِسْلَامُ، فَلِذَلِكَ إِذَا عَقَدَ عَلَى خَمْسٍ لَمْ نُبْطِلْهُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا يُبْطَلُ الزَّائِدُ عَلَى النِّصَابِ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ تَحْرِيمَ الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْجَمْعِ، فَلَمْ يَفْتَرِقِ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ، وَالِاسْتِدَامَةِ، كَعَقْدِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجَيْنِ، فَمَا أَفْسَدَهُ مِنْ قِيَاسٍ! فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَمْ تَخْتَلِفُ فِيهِ الشَّرَائِعُ وَلَا الطَّبَائِعُ، وَلَا تُسَوِّغُهُ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ عَلَى اخْتِلَافِ أَدْيَانِهَا وَآرَائِهَا.

وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَبَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ فَقَدْ كَانَ جَائِزًا فِي بَعْضِ الشَّرَائِعِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ قَدْ فَعَلَهُ دَاوُدُ، وَسُلَيْمَانُ، وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

وَبِالْجُمْلَةِ، فَعَقْدُ الرَّجُلِ عَلَى أَكْثَرَ مِنِ امْرَأَةٍ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، وَعَقْدُ الْمَرْأَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ رَجُلٍ مَفْسَدَةٌ خَالِصَةٌ، أَوْ رَاجِحَةٌ، فَاعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَاسِدٌ عَقْلًا، وَطَبْعًا، وَشَرْعًا.

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: لَوْ بَاعَ ذِمِّيٌّ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُخَيَّرْ فِي أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ، كَذَلِكَ لَا يُخَيَّرُ فِي الْأُخْتَيْنِ، فَمَا أَفْسَدَهُ مِنْ قِيَاسٍ! فَإِنَّ الصَّرْفَ إِذَا لَمْ يُقْبَضْ لَمْ يَلْزَمْ فِي الْعَقْدِ إِنْ قَبَضَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَنْ يُفْسَخَ الْعَقْدُ، فَإِنَّهُمْ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>