للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَاقَدُوا عُقُودَ الرِّبَا وَتَقَابَضُوا، ثُمَّ أَسْلَمُوا لَمْ نَفْسَخْهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضُوا لَمْ نُمْضِهَا، وَهَكَذَا النِّكَاحُ، فَإِنَّهُ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ الدُّخُولُ، وَسَبَبُ التَّحْرِيمِ قَائِمٌ، أَبْطَلْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ قَدِ انْقَضَى لَمْ نَعْرِضْ لَهُ. وَإِنَّمَا لَمْ نُخَيِّرْهُ فِي أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ، وَخَيَّرْنَاهُ فِي إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي تَخْيِيرِهِ فِي أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ، وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا مَصْلَحَةَ، بِخِلَافِ تَخْيِيرِهِ بَيْنَ إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخَيَّرَ الْعَقْدَ فِي دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ، وَيُجْعَلَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ، فَنَفْيُ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ بِنَصٍّ وَلَا إِجْمَاعٍ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمُ: الْعَقْدُ عَلَى الْخَمْسِ فِي حَالِ الشِّرْكِ إِمَّا أَنْ يَقَعَ صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا. . . إِلَى آخِرِهِ، فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ صَحِيحٌ فِي الْجَمِيعِ، فَإِذَا أَسْلَمَ فَسَخَ الْعَقْدَ فِي إِحْدَاهِنَّ: هَذَا جَوَابُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى.

قَالَ: " وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا: إِذَا تَزَوَّجَ الْحَرْبِيُّ أُمًّا وَبِنْتًا، ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُمِّ ".

قَالَ: " وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّ النِّكَاحُ فِي الْبِنْتِ حَتَّى صَارَتْ هِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فِيهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَيَّهُمَا شَاءَ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي الْعَقْدِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ خَمْسَةٍ ".

قَالَ: " وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْخَامِسَةَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَيَسْتَدِيمَ نِكَاحَهَا عَلَى حَدِيثِ غَيْلَانَ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَدِيمَ نِكَاحًا حَكَمْنَا بِفَسَادِهِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>