للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد تلك الجولة المباركة، في بيان أسس مذهب الاعتزال الباطلة، وتقرير صحة أقوال أهل السنة الثابتة، سأكمل البيان في بيان سبب انتشار مذهب المعتزلة أهل الزيع والهذيان (١) ، وأستمد التوفيق من ربي الرحمن، فهو الجواد ذو الجلال والإكرام.

إن المتفحص في مذاهب المبطلين، يرى أن مذهب المعتزلة أكثرها انتشاراً في بلدان المسلمين ولذلك أسباب كثيرة، أبرزها:

١- اتصالهم بالخلفاء والأمراء: واستطاعوا بدهائهم جلبهم إليهم، فتبنى عدد منهم أقوالهم وركنوا إليهم، وأسندوا إليهم مهام دولتهم، فعمرو بن عبيد المؤسس الثاني لمذهب الاعتزال كان جليس الخليفة أبي جعفر المنصور، وصفيه، وأحمد بن أبي دؤاد كان قاضي القضاة لثلاثة من الخلفاء، المعتصم، ثم الواثق، ثم المتوكل، وفي عهده طرد من القضاء وحل به البلاء، وأبو الهذيل العلاف كان أستاذَ الخليفة المأمون (٢) .


(١) - وبذلك وصفهم هارون الرشيد كما في شرف أصحاب الحديث: (٥٥) فقال: طلبت أربعة فوجدتها في أربعة: طلبت الكفر فوجدته في الجهمية، وطلبت الكلام والشغب فوجدته في المعتزلة، وطلبت الكذب فوجدته في الرافضة، وطلبت الحق فوجدته مع أصحاب الحديث، وقال كما في صفحة: (٧٨) المروءة في أصحاب الحديث، والكلام في المعتزلة، والكذب في الروافض.
(٢) - سيأتيك عما قريب ترجمة عمرو بن عبيد، وقد تقدمت ترجمة ابن أبي دؤاد في كتاب التوحيد، وكذلك أبو الهذيل العلاف، وهو إمام القدرية في زمانه، كما في درء تعارض العقل والنقل: (١/٣٠٥) .