للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. ذلك هو حال المعتزلة مع جهاز الحكم، وأهل السنة كانوا على نقيض ذلك تماماً، وسبب ذلك ما قدمته من وجود شيء من الخلل في جهاز الحكم، وتلبس الحكام بشيء من الظلم فآثر أهل السنة الابتعاد عنهم، ومن اضطر لمخالطتهم نصحهم ولم يركن إليهم، وما أرادوا بالأمرين إلا الاحتراز من الشين، وإرضاء رب الكونين، وفي سنن الدارمي عن ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه –: من أراد أن يكرم دينه فلا يدخل على السلطان، ولا يخلون بالنسوان ولا يخاصمن أهل الأهواء (١) . وقد بلغ الأمر بأهل السنة الكرام أن يحترزوا ممن يخالط السلطان، قال سعيد بن المسيب – عليه رحمة الرحمن الرحيم –: إذا رأيتن العالم يغشى الأمراء فاحترزوا منه، فإنه لص، وقيل للأعمش – رحمه الله تعالى –: لقد أحييت العلم لكثرة من يأخذ عنك، فقال: لا تعجبوا، ثلث يموتون قبل الإدراك، وثلث يلزمون أبواب السلاطين فهو شر الخلق والثلث الباقي لا يفلح منه إلا القليل (٢) .


(١) - انظر سنن الدارمي – المقدمة – باب من قال: العلم الخشية وتقوى الله: (١/٧٧) .
(٢) - انظر قول سعيد في الإحياء: (١/٦٦، ٧٤) ، وقول الأعمش فيه أيضاً: (١/٧٤) ، وفي جامع بيان العلم وفضله: (١/١٨٥) ، وفيه أيضاً قال الأعمش: شر الأمراء أبعدهم من العلماء، وشر العلماء أقربهم من الأمراء، وانظره في بهجة المجالس: (١/٣٢٢) ، وقد ورد معنى هذا في حديث رواه ابن ماجه في – المقدمة – باب الانتفاع بالعلم والعمل به: (١/٩٤) عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "إن أبغض القراء إلى الله الذين يزورون الأمراء" قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: (١/٧٤) : سنده ضعيف.