وأحرقت بالنار، ومزقت إربًا إربًا، أو طرحوا للوحوش الضارية أو غير هذا من وجوه التعذيب، وقد سمى المسيحيون عصره الممتد من سنة ٢٨٤ إلى ٣٠٥ م عصر الشهداء.
وفي مطلع القرن الرابع تغيرت الأحوال فقد أصدر الإمبراطور قسطنطين مراسيم التسامح سنة ٣١١، ٣١٢ م، ثم دخل المسيحية بعد ذلك بعشر سنوات، وسرعان ما قويت المسيحية، ورجحت كفتها، فانقضَّت على أعدائها، تقتل، وتعذب، وتفتك، فتأسست الجمعيات الثورية باسم الدين، وكان أشهرها جمعية (الصليب المقدس) في تورينو، التي أخذت على عاتقها استئصال شأفة بقايا الرومانيين الوثنيين!!
ميزان القوى يتغير
حدّث بعد ذلك ولا حرج، عن الدماء التي سفكت، والأرواح التي أزهقت، مما جعل (هارثمان) يصف (الانتقام المسيحي) ، بأنه أفظع المجازر البشرية التي سجلها التاريخ!!
ولم يقف الاضطهاد المسيحي، أو الانتقام المسيحي عند الوثنيين فحسب، بل تعداهم إلى المسيحيين أيضًا.
إذ أن المسيحية التي ظهرت وأصبحت ذات كيان وسلطان، لم تكن مسيحية (عيسى عليه السلام) وإنما هي مسيحية بولس ومسيحية الفلسفة الإغريقية، لكنها -كانت ولا تزال- تحمل اسم المسيحية على أي حال!!
وإذا كانت هذه المسيحية قد ابتدعت أشياء لا يرضى عنها المسيحيون الحقيقيون كألوهية المسيح، والتثليث، والصلب والفداء، وما إلى ذلك، فقد بدأ صراع جديد اعتبُر فيه المسيحيون الحقيقيون متمردين، وأوقعت بهم المسيحية الإغريقية أو مسيحية بولس، ألوانًا من العنت والاضطهاد واستمرت