للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البحتري:

إذا نسيت هوى ليلى أشاد به ... طيف سرى في سواد الليل إذ جنحا

دنا إلي على بعد فأرقني ... حتى تبلج ضوء الصبح فاتضحا

عجبت منه تخطي القاع من إضم ... وجاوز الرمل من خبث وما برحا

قال: «تخطى القطاع من إضم وجاوز الرمل من خبث» فكيف يقولك وما برحا؟

أراد ما برح على الحقيقة.

فإن قيل: هي لم تبرح على الحقيقة فأما خيالها إذا طرق وهي بعيدة نائية فقد برح.

قيل: خيالها إنما هو صورتها التي تتصور في النفس، والصورة أيضاً غير نازحة على الحقيقة، فقولهم: طرق الخيال، وزار الخيال مجاز.

ويجوز أن يكون قوله: «وما برحا» أي ما برحت هي وجعل خيالها بدلاً، ووضعه في موضعها؛ لأنه هي، الا ترى إلى قول جرير:

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... وقت الزيارة فارجعي بسلام (٢)

قيل: إنه أراد خيالها فوضعها في موضعه؛ لأن خيالها ليس هو شيئاً غير صورتها.

/ وقد استجفى الناس قوله: «فارجعي بسلام»، وإنما قال هذا لأنه عاتب عليها، ألا ترى إلى قوله بعدا هذا:

<<  <  ج: ص:  >  >>