وكم لعبيد الله من يوم سؤدد ... يجلي طخا الأيام ضوء شعاعه
وكم بحثوه عن طباع تكرم ... يرد الزمان صاغرًا عن طباعه
سل الوزراء عن تقدم شأوه ... وعن فوته من بينهم وانقطاعه
وهل وازنوه عند جد حقيقة ... بمثقاله أو كايلوه بصاعه
زعيم بفتح الأمر عند انغلاقه ... عليهم ورتق الفتق عند اتساعه
علا رأيه مرمى العقول فلم تكن ... لتنصفه في بعده وارتفاعه
وقارب حتى أطمع الغمر نفسه ... مكاذبة في ختله واختداعه
تضيع صروف الدهر في بعد همه ... وتتوى الخطوب في اتساع ذراعه
وتعلم أعباء الخلافة أنها ... وإن ثقلت موجودة في اضطلاعه
وما طاولته محنة من ملمة ... فينزع إلا باعها دون باعه
رعى الله من تلقى الرعية أنسها ... إلى ذبه من دونها ودفاعه
فهل تريد زيادة في مدح وزير على هذا حسناً، وبلاغة وحلاوة معان؟!
وإذ قد انتهيت إلى هذا الموضع من الأبيات، فأذكر ما بعدها من اعتذار البحتري، وذلك قوله:
تصرعت حولاً بالعراق مجرماً ... مدافعة مني ليوم وداعه
أأنساك بعد الهول ثم ائصرافه ... وبعد وقوع الكره ثم اندفاعه
إذا نسى الله اطيافي ببيته ... ووفد الحجيج حاشد في اجتماعه
ووالله لاحدثت نفسي بمنعم ... سواك ولا عنيتها باتباعه
ولو بعت يوماً منك بالدهر كله ... لفكرت دهراً ثانياً في ارتجاعه