سقى تلك من نوء السماكين بكرةً ... سحايب غيث مربعاً ثم مربعاً
تظل الصبا تحدو بها وهي سجمٌ ... وتنزلها سهلاً وحزناً وأجرعا
فتلك مغان لا تزال تحلها ... خدلجة الساقين مهضومة المعا
ربيبة خدر الصون والترف الذي ... يزيد على بذل الليالي تمنعا
تروت من الحسن البهيّ خدودها ... وقامتيها كالغصن حين ترعرعا
قطوف الخطا مثل القطاحين ما مشت ... تقوم بأرداف يحاذين لعلعا
قال مخاطباً سلطان مكة المشرفة
زيد بن محسن وهو متوجه لفتح اليمن سنة ثلاث وخمسين وألف
ما سار زيد مليك الأرض من بلد ... إلا وقابله الاقبال بالظفر
إني أودعه بالجسم منفرداً ... وإن روحي تتلوه على الأثر
وكتب إلى شيخنا العلامة محمد بن علي الشامي رقعة صورتها: يا مولانا عمر الله بالفضل زمانك وأنار في العالم برهانك سمحت للعبد قريحته في ريم هذه صفته بهذين البيتين وهما
تراأى كظبيٍ خائف من حبائل ... يشير بطرفٍ ناعسٍ منه فاتر
ومذ ملئت عيناه من سحب جفنه ... كنرجس روض جاده وبل ماطر
فإن رأى المولى أن يجيزهما ويجيرهما من البخس. فهو المأمول من خصائل تلك النفس. وإن رآهما من الغث فليدعهما كأمس. ولعل الاجتماع بكم في هذا اليوم قبل الظهر أو بعد العصر. لنحسو من كؤوس المحادثه ما راق بعد العصر. والمملوك كان على جناح ركوب. بيد أنه كتب هذه البطاقه وأرسلها إلى سوق أدبكم العامرة التي ما برح إليها كل خير مجلوب.
فأسبل الستر صفحاً إن بدا خلل ... تهتك به ستر أعداءٍ وحساد
فكتب مولانا الشيخ المشار إليه هذين البيتين بديهة
ولرب ملتفت بأجياد المها ... نحوي وأيدي العيس تنفث سمها
لم يبك من ألم الفراق وإنما ... يسقي سيوف لحاظه ليسمها
ثم نظم المعنى بعينه فقال
ولقد يشير إليّ عن حدق المها ... والرعب يخفق في حشاه الضامر
أسيان يفحص في الحبال كأنه ... ظبي تخبط في حبالة جاذر
غشت نواظره الدموع كأنها ... ماءٌ ترقرق في متون بواتر
رقت شمائله ورق أديمه ... فتكاد تشربه عيون الناظر
وقال صاحب شيخنا أحمد الجوهري معارضاً
وظبي غريرٍ بالدلال محجبٍ ... يرى إن ستر العين فرض المحاجر
رماني بطرف أسبل الدمع دونه ... لئلا أرى عينيه من دون ساتر
ولما وقف أدباء اليمن على بيتي الوالد تجاروا في مضمارهما فقال السيد حسن بن المطهر الجرموزي
وريم فلا أصل المحاسن فرعه ... تبدّى كبدر في الدجى للنواظر
سباني بجفن أدعج ماج ماؤه ... فطرز شهب الدمع ليل الغدائر
قال حسن بن علي باعفيف
وخشف عليه الحسن أوقف نفسه ... له ناظر يحميه من كل ناظر
نظرت إليه ناثراً در دمعه ... فنظام فكري هام في در ناثر
قال الشيخ عبد الله الزنجي
وطرف له فعل السيوف البواتر ... يصيب به مستلئماً دون حاسر
رمى ورنا فانهل بالدمع جفنه ... كدر حواه سمط نظم الجواهر
قلت أنا في ذلك عام ثمان وستين
ولله ظبيٌ كالهلال جبينه ... رماني بسهم من جفون فواتر
جرت بماآقيه الدموع كأنها ... مياه فرند في شفار بواتر