وما شربت حتى ثنيت زمامها ... وخفت عليها أن تجرّ وتكلما
فقلت لها قد نلت غير ذميمة ... وأصبح وادي البرك غيثاً مديما
قال فقلت له ما كنت إلا على الريح فقال يا ابن أخي أن عمك كان اذاهم فعل وهي العجاجة هكذا رواه أبو الفرج الأصبهاني في الجامع الكبير وفي رواية البيت المذيل بعض تغيير كما رأيت والروايات تختلف والله أعلم
السيد حسين بن علي
بن حسن بن شدقم الحسيني
سيد رقى من المكارم ذراها. وتمسك من المحامد بأوثق عراها. دأب في كسب المآثر فتى وكهلاً. وسلك من مسالكها حزناً وسهلاً. فملك جوامحها ذلك المراسن. واجتلا أحاسنها مسفرة المحاسن. وهو ممن دخل الديار الهندية فسطع بها بدره. وعلا صيته وارتفع قدره. ولما اجتمع بالوالد انعقدت بينهما عقود المحبه. والقط كل منهما طائر صاحبه في فح مودته حبه. فتعاطيا كؤوس الوداد اغتباقاً واصطباحاً. وتجاذبا أهداب الاصطحاب مساء وصباحاً. ومن نوادره الحسنه. ونكته المستحسنه. ما جرى له مع الوالد في بعض الأيام. والدنيا إذ ذاك فتاة والدهر غلام. وذلك أن الوالد كان ممن يفضل أبا تمام على المتنبي. ويكشف قناع الترجيح ولا يغبي. وإذا عذله في ذلك أديب. قال أنا لا أسمع عذلاً في حبيب. وكان السيد المذكور ممن يرى لأبي الطيب الفضل. والمنطق الفصل في الجد والهزل. غير أنه يعرض بذلك عند الوالد ولا يصرح. ويمسك القول به عند المنازعة ولا يسرح. حتى اتفق أن الوالد ركب يوماً متنزهاً إلى بعض الحدائق. وفي صحبته السيد المذكور وجمع من حماة الحقائق. ولما استقربهم الجلوس. في ذلك المجلس المأنوس. أرسل الوالد يدعوني إلى الحضور. لذلك المحفل المحفوف بالسرور. فركبت إليه في جحفل من العساكر. وسرت مسرعاً لأصابح طلعته الشريفة وأباكر. فلما قربت من المكان أثارت سنابك الخيل. من الغبار ما ساوى النهار بالليل. فسأل الوالد رافع الأخبار. عن السبب المثير لذلك الغبار. فأنهى إليه الخبر. فقال السيد مبادراً صدق المتنبي وبر. فالتفت الوالد إليه عند ذلك المقال. وقال له ما عنى مولانا بهذا المقال. فقال إن سيدنا لا يزال يفضل أبا تمام. ويرى لأبي الطيب نقصاً وله التمام. وأبو الطيب مدح مولانا وولده قبل هذا بنحو من خمسمائة عام. ووصف موكبه هذا وصفاً يعرفه الخاص والعام. حيث قال كأنه شاهد هذا المقام.
يشرق الجو بالغبار إذا سار علي بن أحمد القمقام
فأي الشاعرين أحق بالتفضيل. وأيهما أشعر على الجملة والتفصيل. فاستحسن الوالد جميع الحاضرين منه هذه النادرة. وأحمد وافي الأدب موارده ومصادره. وله الأدب الذي بهرت فرائده. وصدق منتجعه رائده. على أنه لم يتعاط نظم الشعر إلا بعدما اكتهل. وجاءت فرسان القريض جاهدة وجاء هو مجليهم على سهل. فمن شعره قوله مادحاً الجناب النبوي عليه وآله أفضل الصلاة والسلام
أقيما على الجرعاء في دومتي سعد ... وقولا لحادي العيس عيسك لاتحدى
فإن بذاك الحي الفاً ألفته ... قديماً ولم أبلغ برؤيته قصدي
عسى نظرة منه أبل بها الصدي ... ويسكن ما ألقاه من لاعج الوجد
وإلا فقولا يا أمية إننا ... تركنا قتيلاً من صدودك بالهند
يحن إلى مغناك بالطلح والفضا ... ويصبو إلى تلك الأثيلات والرند
قفا نندب الأطلال أطلال عامر ... ونبكي بها شوقاً لعل البكا يجدي
إلى ذات دل يخجل البدر حسنها ... مرنحة الأعطاف ميّاسة القد
جهنم والفردوس قلبي ووجهها ... من الشوق والحسن البديع بلا حد
سقاها الحيا ما كان أطيب يومنا ... بموردها والحي ورداً على ورد
وقد نشرت أيدي الغمام مطارفاً ... كستها أديم الأرض برداً على برد
وقد رفعت فوق الحزوم سرادقاً ... من الشعر والأضياف وفداً على وفد
بدوت لحبيها وإلا فإنني ... من الساكنين المدن طفلاً على مهد