تنآءى الذي أهوت فمت صبابة ... فقال عجيب كل أمرك في الهوى
صبرت للحظي إذ رمتك سهامه ... ولم تتصبر إذ رميتك بالنوى
عاد شعر الملك المنصور فمن قوله مورياً بمصانعه الثلاثة البديع والمسرة والمشتهى بستان حسنك أينعت زهراته. ولكم نهيت القلب عنه فما انتهى
وقوام غصنك بالمسرة ينثنى ... يا حسن مايسه البديع المشتهى
وقوله أيضاً
طرقت حماه والأسواد حوادر ... به فتولى في الظبا وهو يبعد
فعلمت أساد الشري كيف أقدمت ... وعلم غزلان النقى كيف تشرد
وهو من قول أبي الثنا شهاب الدين محمود
تثنى وأغصان الأراك نواضر ... فحنّت وأسراب من الطير عكف
فعلم بانات النقى كيف تنثني ... وعلمت ورقاء الحمى كيف تهتف
وأخذه الصلاح الصفدي فقال
لم أنسه في روضة ... والطير يصدح فوق غصن
فاعلم الورق البكا ... ويعلم البان التثني
قال الشيخ أحمد المقري في عرف الطيب وأطنب الكلام على ترجمة مولانا الملك المنصور المذكور صاحبنا الوزير الكبير الشهير سيدي عبد العزيز ابن محمد الفشتالي في كتابه المسمى بمناهل الصفا. في فضايل الشرفا. وعهدي به أكمل منه ثمان مجلدات وهو مقصور على دولة مولانا السلطان المذكور وذويه وألف كاتب أسراره الرئيس أبو عبد الله محمد بن عيسى فيه كتاباً سماه الممدود والمقصور في سنا الملك المنصور. وهذه التسمية وحدها مطربة انتهى. قلت قد لا ينتهي كل أحد إلى وجه الحسن في هذه وبيانه أن السناء بالمد الرفعة والعلو وبالقصر الضوء والنور فكان هذا الكتاب مصنفاً لذكر رفعة السلطان وضوئه وهي تسمية ما على حسنها تعمية والله أعلم
[السيد أحمد الحسني المغربي]
هذا سيد ورد إلى مكة المعظمه. متحلياً بعقود الأدب المنظمه. فمدح السيد زهير بن علي أحد شرفائها بقصيدة طائيه. غبرت في وجوه القصايد البحتري والطائيه. وذكر فيها أنه من سلالة الحسن السبط. وأنه فاطمي ما شان أصله قط روم ولا قبط. وأن جده امام المغرب سلطان عصره. وخليفة رب العالمين بأرضه ومصره. كما ستقف عليه فيها. وتراه في أثناء قوافيها. فاشتهرت هذه القصيدة كل الاشتهار. وظهرت ظهور الشمس في رابعة النهار. ثم لما وقفت على كتاب الريحانة للخفاجي رأيته عزا صدرها إلى محمد الصالحي الهلالي الشامي. فعلمت أن أحدهما منتحل. والله أعلم بمن هو منهما لحرمتها مستحل. فإن كليهما كانا في عصر واحد. وكلاً منهما لانتحالها جاحد. غير أن فيها أبياتاً لا يقولها إلا فاطمي حسني. وذو مقام في الشرف سنى. وجميع القصيدة محوكة على منوال فاخر. لا يختلف لها أول ولا آخر. فيبعد أن السيد انتحل بعضها وزاد فيها ما يوافق حاله. فإن الذي يقول هذه الزيادة لا يروم ادعاء شعر غيره وانتحاله. ولو كان لاختلف نسجها. وتوعر في سبل البلاغة نهجها. والقصيدة هي
سقى طللاً حيث الأجارع والسقط ... وحيث الظباء العفر من بينها تعطو
هزيم همول الودق منبجس له ... بأفنائه في كل ناحية سقط
ولو أن دمعاً يروّي رحابه ... لما كنت أرضى عارضاً جوده نقط
ولكن دمعي صار أكثره دماً ... فأنى يرجى أن يروّى به قحط
ولما رماني البين سهماً مسدداً ... فاقصدني والحي الوى به سخط
نحوت بأصحابي وركبي أجارعاً ... فلا نفل ينفى لديها ولا خمط
وجبت قفاراً لو تصدت لقطعها ... روامس ارباء لاعيت فلم تخط
مفاوز لا يجتاب شخص فجاجها ... ولو أنه المطرود أو حارب ملط
يسوف بها الهادي التراب ضلالة ... ويغدو كعشواء لها في السرى خبط
سريت وصحبي قد أديرت عليهم ... سلاف كرىً والعيس في سيرها تنطو
وقد مالت الأكوار وانتحل العرى ... لطول السرى حتى ذوى الألسع المفط
كانا ببحر اللآل والركب منجد ... ونحن ببحر الغور نعلو وننحط