للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو في الأدب. عمدة أربابه ومنار الأحبة ولجة عبابه. وقفت له على رسالة في علم البديع سماها درر الكلام. ويواقيت النظام وأثبت فيها من نثره في باب الملايمة قوله فيمن ألف الرسالة باسمه مكي الحرم برمكي الكرم هاشمي الفصاحة حاتمي السماحة يوسفي الخلق محمدي الخلق خلد الله ملكه وأجرى في بحار الاقتدار فلكه ولم أسمع من شعره غير قوله مذيلاً لقول أبي الطيب

أتى الزمان ينوه في شبيته ... فسرهم وأتيناه على الهرم

وهم على كل حال أدركوا هرماً ... ونحن جيناه بعد الموت والعدم

وكنت أظنه هو المبتكر لهذا المعنى حتى وقفت على أنه عقد لقول الحافظ الحجازي صاحب المسهب في أخبار المغرب فإنه حكى عن نفسه في كتابه هذا أنه سأل عمه أبا محمد عبد الله بن إبراهيم عن أفضل من لقى من أجواد حلبة عصره وهم المعتمد بن عباد ومنه في طبقته فقال يا ابن أخي لم يقدر أن يقضى لي الاتصال بهم في شباب أمرهم وعنفوان رغبتهم في المكارم ولكن اجتمعت بهم وأمرهم قد هرم وساءت بتغير الأحوال ظنونهم وملوا الشكر وضجروا من المرؤة وشغلتهم المحن والفتن فلم يبق فضل للافضال وكانوا كما قال أبو الطيب

أتى الزمان بنوه في شبيبته ... فسرهم وأتيناه على الهرم

ثم قال الحجازي قلت أنا إن يكن أتاه على الهرم فإنا أتيناه وهو في سياق الموت انتهى. ولا خفاء في أن هذا هو المعنى الذي نظمه السيد المذكور بعينه على أنه في المعاني التي تتبادر إلى الأذهان بل هو من البديهيات لأهل كل زمان بعد ذلك الزمان والله أعلم والأبرز بفتح الهمزة وسكون الباء الموحد وضم الزاي وبعدها راء مهملة هكذا ينطق به ولا أعرف معناه.

الشيخ عبد علي بن ناصر

بن رحمه الحوزي

فاضل قال من الفضل بظل وريف. وكامل حل من الكمال بين خصب وريف. فالأسماع من زهرات أدبه في ربيع ومن ثمرات فضله في آخر خريف. إن إنشاء أبدى من فنون السجع ضرائب. أو طفق بنظم أهدى الشنوف للأسماع والعقود للترايب. ومؤلفاته في الأدب. أحلى من رشف الضرب. بل أخدى من نيل الأرب. ومتى جاراه قوم في كلام العرب. كان النبع وكانوا القرب. واتصل بحكام البصرة وولاتها. فوصلته بأسى أفضالها وأهنى صلاتها. وهبت عليه من قبلهم رخاء الاقبال. وعاش في كنفهم بين نضرة العيش ورخاء البال. ولم يزل بها حتى انصرمت من الحياة أيامه. وفوضت من هذه الدار الفانية خيامه. ومن مؤلفاته المعول. في شرح شواهد المطول. وقطر الغمام. في شرح كلام الملوك ملوك الكلام. وغير ذلك وله ديوان شعر بالعربية وانتخب منه نبذة سماها مجلى الأفاضل وله أشعار بالفارسية والتركية. إلا أنها عند العارفين بها متروكة منسية. ومن انشائه ما كتبه إلى القاضي تاج الدين المالكي. طبقات صحائف الأوراق. وإن كانت السبع الطباق. وأعلام الأقلام. وإن كانت عدد الأجام. وبحار المداد. وإن سفحت على الأطواد. ليست بمستقلة بالاحاطة بيسير من كثير الاشتياق. وليس ضرب الصفح. وطي الكشح. عن أعلامه من مكارم الأخلاق. فرقمت هذه الصحيفة عن سويداء القلب بسواد الأحداق. انموذجاً يستدل به الاخوان على الأحزان. بما جرى من شان عن الشان. محيلة ما تجده القلوب عليها مرجعة ما يطلب منها إليها.

وحق من أرتجي شفاعته ... يوم تكون السماء كالمهل

ما سرت عنكم ولا حشا بسوى ... خيالكم مذ نأيت في شغل

يا تاج الاخاء ما أنا من ... يعقل عنكم ركائب الرسل

لكنني قد جعلت معتمدي ... ما أثبتته لنا يد الأزل

وخذ على البعد ما همى مطر ... تحية من أخيه عبد علي

فراجعه القاضي تاج الدين بقوله. وصل الكتاب الذي تفتقت كمايم ألفاظه عن زهور معانيه فإذا هي من حميد حكمي. وتلا المخلص عند وروده أنه ألقى إلى كتاب كريم فقبله المخلص ألفاً وقراه حرفاً حرفاً ولم يكد يستطع أن يتجاوز فقرة منه إلى أخرى واعترف أن منشيه بالتقدم في محراب البلاغة أحرى. وأما الشوق فلو دخل التسلسل في دائرة الامكان. لأنهى المخلص ما يجد من الهيمان. وكيف ينهى شوق لا يتناهى. وتوق كلما وصل إلى رتبة تجاوزها وتعداها. لكن نفث بانموذج من ذلك نفثة مصدور. وتنفس من البين مزتور.

<<  <   >  >>