للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنت لها ابن وأنت لها أب ... وأنت لها صنو وأنت الأقارب

كذاك عشقت العلم والجود والتقى ... وللناس فيما يعشقون مذاهب

قذفت لنا يا أيها البحر موجةً ... من النظم في أثنائها الدر راسب

وكلفتني حالاً محالاً بأنني ... أعارض دراً لم يثقبه ثاقب

فلم أستطع خلفاً لأمرك أنه ... لأمر على كل البرية واجب

فكنت كمن قد عارض الدر بالحصى ... فها أنا بالتقصير طبعي أحاسب

وحسبي عذيراً إنني لك طابع ... كما أن حسبي إنني فيك راغب

ولا زلت في روض من العيش ناضر ... إلى دارك العليا تؤب الرغائب

وله مؤرخاً الدار التي بنيت لسكناه بالديار الهنديه

يا من له دار المكارم ساميه ... من عهد آدم في القرون الخاليه

لك بيت فضل لا يحاكى رفعة ... فبنيت داراً للنواظر حاكيه

شيدتها وسمائها حتى غدت ... للسبع ثامنة فصرن ثمانيه

حاشا لفضلك أن يساميه بنا ... ولبيت مجدك أن تنال أعاليه

هذا البيت ملحون القافية إذ صوابها أعاليه بسكون اليا لأنها في محل الرفع على أنها مفعول ما لم يسم فاعله

لن تبن قبل وبعد دار مثلها ... ولو أن أفلاك الزمان البانيه

طيبت نكهتها فخلنا إنما ... أجزاؤها من عنبر في غاليه

هذا لسان الحال أبلغ خاطب ... قد قام ينشد للقصور الساميه

وهب العلى صنو العلى غيث الورى ... نجل الرسول من المنازل عاليه

هذا البيت أيضاً مختل القافية إذ صوابها عاليها لأن الضمير راجع إلى المنازل

والسعد طاف بركنها مترنماً ... متغنياً ومن السرور بحاشيه

لما تغالت غبطة في ربها ... شمس الزمان وذي السجايا الزاهيه

مني اسمعوا وبي اقتدوا تاريخها ... دار النعيم لأحمد متعاليه

فانعم ولذ وداً لها متملكاً ... ما دامت الشمس المنيرة جاريه

ولم أر من شعره ما أرضى اثباته غير هذا والله أعلم

القسم الخامس في

محاسن أهل المغرب

[وايراد شيء من نثرهم ونظمهم المطرب]

قال المؤلف عفا الله عنه لم أسمع في باب التلميح ومدح هذه الطبقه بأحلى مما حكاه أبو الوليد الشقندي في آخر رسالته التي فضل بر الأندلس فيها على بر العدوه حيث قال وأنا أحكي لك حكاية جرت لي في مجلس الفقيه الرئيس أبي بكر بن زهر وذلك أني كنت يوماً بين يديه فدخل علينا رجل أعجمي من فضلاء خراسان وكان ابن زهر يكرمه فقلت له ما تقول في علماء الأندلس وكتابهم وشعرائهم فقال كبرت. فلم أفهم مقصده واستبردت ما أتى به وفهم عني أبو بكر ابن زهر أني نظرته نظر المستبرد المنكر فقال لي قرأت شعر المتنبي قلت نعم وحفظت جميعه فقال على نفسك اذن فلتفكر وخاطرك بقلة الفهم فلتتهم فذكرني بقول المتنبي

كبّرت حول ديارهم لما بدت ... منها الشموس وليس فيها شموس

فاعتذرت إلى الخراساني وقلت له قد كبرت في عيني بقدر ما صغرت نفسي عندي حين لم أفهم نيل مقصدك انتهى

أبو العباس أحمد المنصور بالله

بن أبي عبد الله المهدي القاسم بأمر الله الشريف الحسني سلطان المغرب وابن سلطانه

ملك تفزع منه جرثومة الملك والنبوة. وتدرع جلباب الشرف والمجد والفتوة. فطلع من المغرب بدر على مشرقاً. وراج لعداته بماء حسامه مغصاً مشرقاً. فهو كما قلت فيه. لما بلغني من احتفاله بالفضل وتحفيه.

بدر على مشرقه المغرب ... ومبدع في مجده مغرب

له مزايا لا تناهي ولا ... يعرب عن تبيانها المعرب

<<  <   >  >>