للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحد من عاني الشعر ونظم. وخضم فيه الكلام وقضم. له أشعار له يعن بتنقيحها وتهذيبها وكأنه لم يسمع بقول القائل.

وإذا عرضت الشعر غير مهذب ... عدوه منك وساوساً تهذي بها

كان قد قصد الوالد بالديار الهندية. مستنشقاً روايح منايحه الندية. فوافق طالعه إن كان أول شاعر وفد على عتبة داره. وهي لم تحتوي على بعد على المصاقع والمداره. ورغبة الوالد في الأدب إذ ذا وافره وبدور مكارمه لسراة ليله سافره. فوقع عنده موقعاً جميلاً. وراح لطوله بقوله مستميلاً. وكانت بينهما في النظم مراسلات طويلة الذيل. ولكن أين تباشير الصبح من نواشي الليل. ولما حصل من أمله على مراده. وقضى أربه من انتجاع مراده. ثنى عنانه. للقصد إلى أوطانه. فركب البحر قاصداً وطنه عن يقين. فحال بينهما الموج فكان من المغرقين. ومن شعره قوله مراجعاً الوالد عن قصيدة كتبها إليه مطلعها

مطالع أنوار البدور الثواقب ... شوارقها فلب من الحب ذائب

فراجعه بهذه القصيدة وهي أمير شعره الذي جمع فيها كل إحسانه على ما فيها.

بقلبي من عين سهام ثواقب ... تسددها كحلاء والقوس حاجب

لنا حاجب من كل سهم نرده ... وليس لسهم الحب والله حاجب

سقيم أجفان وكشح وموعد ... أرى السقم يبري وهي فيه تغالب

إذا برزت فالناس فيها ثلاثة ... طعين ومضروب وساه يراقب

ولم ير عسال سوى قد بانة ... وليس لها إلا الجفون قواضب

وإن أسفرت ليلى جلى الليل وجهها ... وخرت لها خوف الكسوف الكواكب

وإن طلعت يوماً فللشمس ضرة ... عليها من الجعد الأثيث غباهب

ومن عجب للبدر والشمس مغرب ... وليلى بها كل القلوب مغارب

إذا ما النوى زمت ركاب أحبتي ... فللشوق في قلبي تحول ركائب

ولبي مسلوب وجسمي واهن ... ودمعي مسكوب وقلبي واجب

وما العيش إلا والحبيب مواصل ... وما الحتف إلا أن تصد الحبايب

لك الله من قلب أصايد سهمها ... ومن كبد منها الظباء لواعب

ومن جسد قد أسقمته يد الهوى ... ومع سقمه للحب فيه ملاعب

عليه لأنواع الخطوب تناوب ... فإن فاته خطب عرته نوايب

تعودتها كالألف حتى لو أنني ... تفقدتها حلت لفقدي مصايب

يريد به معنى قول المتنبيء

حلفت الوفا لو أعدت إلى الصبي ... لفارقت شيبي موجع القلب باكياً

وأين موقع السيل. من مطلع سهيل

طويت على شكوى الزمان ضمايري ... وأغضيت عنه باسماً وهو قالب

ولو أنني يوماً نبذت أقلها ... لضاقت بها ذرعاً عليّ المعاتب

وإني على مر الزمان لصابر ... وإن ساءني دهر فما أنا عاتب

وللصبر أحلى من شماتة حاسد ... وقول خليل ملّ شكواك صاحب

ولم أخش ضنكاً من حياة لأنني ... شروب وإن سدت عليّ المسارب

مبشر آمالي مسكن روعتي ... بأني إلى البحر الزلال لذاهب

تطالبني في كل حين يمر بي ... مديحك نفسي والفؤاد يجاذب

لأنك يا نجل الرسول هوى لها ... كذا كل نفس في هواها تطالب

إلى أن قال عن آبائه

هم سادة الدنيا هم شيدوا العلى ... بهم لا بها تعلوا العلى والمراتب

هم قادة الأخرى بهم قامت الدنا ... بهم قد سقتنا الغاديات السحائب

هم العروة الوثقى هم كعبة الورى ... نثاب ونعطي فيهم ونعاقب

فذلك فضل الله يؤتيه من يشا ... ولله لا تحصى عليكم مواهب

لقد طبت فرعاً حيث طبت أرومه ... نعم طيب حيث الأصول أطايب

وللورد ماء الورد فرع يزينه ... ولليث شبل الليث مثل يقارب

عشقت العلى طفلاً ولم يك عاشق ... سواك وشبه الشيء للشيء جاذب

<<  <   >  >>