أيها المصغي إلى الزه ... اد دع عنك الكلاما
فز بها من قبل أن يج ... علك الدهر عظاما
قل لمن عير أهل ال ... حب في الحب ولاما
لا عرفت الحب هيهات ... ولا ذقت الغراما
لا تلمني في غلام ... أودع القلب سقاما
فبذاك الحب كم من ... سيد أضحى غلاما
[الملا فرج الله الشوشتري]
أحد مفلقي شعراء العجم. الذي طلع نبت مقاله في روض البلاغة ونجم. علا في البراعة شعره. فغلا في سوق الأدب سعره. رايته بمجلس الوالد وقد جاوز السبعين وهو يهدي السحر من بيانه إلى عيون العين. وديوانه في هذا الأوان. يزاحم بعلو طبقته كيوان. وفيه كل معنى مستبدع. ولفظ هو للحسن مستقر ومستودع. ونظمه بالعربيه محرز خصل الاجاده. وسأثبت مما ساقه غيث احسانه وجاده. فمنه قوله من قصيدة مدح بها الوالد عدتها مائة وثمانية وخمسون بيتاً.
ما بين دجلة والفرات مراتع ... هي للنفوس معارج وسماء
ومنازل هي للقلوب منازل ... لا جاوزتها ديمة هطلاء
لا الجزع يسليني ولا وادي الف ... ضا عنها ولا النجّا ولا الدهناء
لا رامة رومي ولا حزوي ولا ... وادي النقا والخيف والخلصاء
سقت الغوادي روضها وفلاتها ... ورعت بمرعها مهاً وظباء
أصبو إلي سكانها طول المدا ... لم تلهنى خود ولا هيفاء
إن الأمكان تستحب لأهلها ... أعروّة وجميعهم عفراء
بهم أشبب لا بعاتكة وكم ... في مهجتي من بينهم برحاء
أسماؤهم ملأت خروق مسامعي ... لا ميّ تسكنها ولا أسماء
للناظرين على الفراق مواطن ... لهم بهن عن الجنان غناء
وبسوحهن مراتع وملاعب ... الليل فيها والنهار سواء
مستوطن الآمال غايات المنى ... للغانيات بها الغداة ثواء
يرتعن بين ضلوعنا فكأنما ... أرباعها الألباب والاحشاء
آرام أنس للنفوس أوانس ... داءٌ ولكن للعيون دواء
يصغي إليهن الجليس فينتشي ... وهناك لا خمر ولا صهباء
حل الربيع متى حللن بمنزل ... فكأنهن عوارض وحياء
وإذا ارتحلن ترى الديار كأنها ... من فقدهم سباسب قفراء
كم من مناهل للفرات وردنها ... وصدرن وهي لعودهن ظماء
لا تعجبن إن لم يفين بموعد ... إن الغواني ما لهن وفاء
سكان تلك الأرض كلهم لهم ... عندي هوى وصداقة واخاء
أن يسلبوا عني السرور ببينهم ... فلمهجتي بحديثهم سراء
فهم مناط مسآءتي ومسرتي ... وهم لقلبي شدة ورخاء
أكبادنا نار الغضا من بعدهم ... تذكي الأسى وجفوننا أنواء
الظاعنون القاطنون قلوبنا ... هم واصلين وقاطعين سواء
وإذا المحبة في الصدور تمكنت ... فقد استوى الابعاد والادناء
القتني الأيام من أرض إلى ... أرض لها أرض العراق سماء
شتان ما بيني وبين مزارهم ... هيهات أين الهند والزوراء
كيف احتيالي في الوصول إليهم ... إن الوصول إليهم لرجاء
لا تركبهن ظهر الرجاء مطية ... إن الرجاء مطية عرجاء
وكواذب الآمال لا تهدى بها ... دعها فتلك هدية عمياء
يا ساكني دار السلام عليكم ... مني السلام ورحمة ودعاء
أين العزاء وأهله وضجيعه ... روحي له ولما حواه فداء
ومن مديحها
الأحمد المحمود كل فعاله ... ما شاءه وقضى به فقضاء
ما للعقول وفوق ساحة وصفه ... قد ضلت الافهام والآراء
فله يد وله أنامل فعلها ... الانعام والاحسان والاعطاء