للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما قلّ ذاك الجيش غير صحيفة ... تجل لعمري عن شبيه وتمثال

أتت تسلب الألباب طرا كأنها ... ربيبة خدر ذات سمط وخلخال

أتت من خليل قربه غاية المنى ... ومنظره الأسنى غدا جل آمالي

فلا زال محفوظاً عن الحزن والأسى ... ولا زال محفوفاً بعز واجلال

وقد عارض بهذه الأبيات قول سهل بن هارون

تكنفني همان قد كسفا بالي ... وقد تركا قلبي محلة بلبال

هما أذ رياد معي ولم تذر أدمعي ... ربيبة خدر ذات سمط وخلخال

ولكنما أبكي بعين سخينة ... على جلل تبكي اله عين أمثالي

فراق خليل فقده يورث الأسى ... وخلة حر لا يقوم لها مالي

فواحزني حتى متى أنا موجع ... بفقد حبيب أو تعذر أفضال

ومن شعره أيضاً قوله مضمناً

ولما أتتني من جنابك نفحة ... تضوّع من أنفاسها المسك والند

وقفت فاتبعت الرسول مسائلاً ... وأنشدته بيتاً هو العلم الفرد

وحدثتني يا سعد عنها فزدتني ... جنوناً فزدني من حديثك يا سعد

والبيت المضمن وهو الأخير للعباس بن الأحنف وبعده

هواها هوى لم يعرف القلب غيره ... فليس له قبل وليس له بعد

ابنه

شهاب الدين أحمد بن الملا علي

شهاب طلع في سماء المكارم بدراً. وشرح لاقتناء المعالي والمآثر صدراً. فملك أعنة المحاسن. وورد من مناهلها عذباً غير آسن. إلى أدب لم يقصر في مداه عن غايه. ونظم رفع به للقريض رايه. ومكارم شيم وأخلاق. هي من نفائس الذخائر أعلاق. معسول ذوق الاخاء والمروه. عسال قنال الوفاء والفتوه. مع صفاء باطن وظاهر. وناهيك بفرع ينتمي إلى ذلك الأصل الطاهر. وشعره جزل الألفاظ حلو المعاني. أثبت منه ملحا عامرة الأبيات آهلة المغاني. فمنه قوله مادحاً الوالد وقد قصده بالديار الهندية سنة ١٠٧٤

سقى الله ربعاً بالأجارع من نجد ... وحيا الحيا وادي الاراكة والرند

مغان بها كان الزمان مساعدي ... بأفنان بشر من أسرته يبدي

وريم إذا ما لاح ضوء جبينه ... بفرع حكى ليل التباعد من هند

أرانا محيا كالغزالة في الضحى ... أو البدر في برج التكامل والسعد

له مقلة وسناء ترشق أسهماً ... تصيب الحشى قبل الجوارح والجلد

وثغر إذا ما ضاء في جنح دامس ... توهمت دراً قد تنضد في عقد

يدير به ظلماً كأن مذاقه ... جنا الطلع أو صرف السلاف أو الشهد

وتالع جيد ما الغزالة إن عطت ... بمنعرج الجرعاء طالبة الورد

وصعدة قدّ أن نقل غصن النقا ... يقول لنا هيهات ما ذاك من ندى

وردف تشكي الخصر اعياء ثقله ... فناء به حتى تضاءل عن جهد

فلله هاتيك الليالي التي خلت ... وعوّضت عنها بالقطيعة والبعد

وأصبحت والأحشاء يذكو لهيبها ... أليف النوى حلف الجوى دائم السهد

أروح وأغدو واجداً بين أضلعي ... لهيب جوي لم يخل يوماً من الوقد

أعض بناني حسرة وتأسفاً ... وأندب عصراً لم أبت خالياً وحدي

وأرسل دمعاً كالغمام إذا همى ... فهيهات أن يغنى التأسف أو يجدي

إلى الله أشكو جور دهر إذا عدا ... على المرء حاجاه بالسنة لدّ

وقائلة والعيس يزعجها النوى ... وعبرتها كالطل يسقط في الورد

لبئس المنى أن تقطع البيد بالسرى ... وترحل عن وادي المحصب للهند

فقلت لها والله ما القصد منية ... ولا نيل سؤل من عروض ومن نقد

ولكن لا قضى شكر سالف نعمة ... مشيدة الأركان بالأب والجد

لا كرم مولى البست يده الورى ... مطارف نعماء تجل عن الحد

<<  <   >  >>