بالذي الهم تعذيبي ثناياك العذابا ... ما الذي قالته عيناك لقلبي فأجابا
وله رحمه الله وقد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه
وليلة كان بها طالعي ... في ذروه السعد وأوج الكمال
فصر طيب الوصل من عمرها ... فلم تكن إلا كحل العقال
واتصل الفجر بها بالعشا ... وهكذا عمر ليالي الوصال
إذ أخذت عيني في نومها ... وانتبه الطالع بعد الوبال
فزرته في الليل مستعطفاً ... أفديه بالنفس وأهلي ومال
وأشتكي ما أنا فيه من البلوى ... وما ألقاه من سوء حال
فأظهر العطف علي عبده ... بمنطق يزري بنظم اللآل
فيا لها من ليلة نلت في ... ظلامها ما لم يكن في خيال
أمست خفيفات المطايا الرجا ... بها وأضحت بالعطايا ثقال
سقيت في ظلمائها خمرة ... صافية صرفاً طهوراً حلال
وابتهج القلب بأهل الحمى ... وقرت العين بذاك الجمال
ونلت ما نلت على أنني ... ما كنت أستوجب ذاك النوال
ومن غريب ما حكاه في بعض كتبه أن سلطان زماننا خلد الله ملكه. وأجرى في بحار التأييد فلكه. عرض له يوماً وهو في مصيده خنزير عظيم الجثة طويل السن الخارج فضربه بالسيف ضربة نصفه بها نصفين ثم أمر بقلع سنه والاتيان بها إليه فوجد مكتوباً عليها لفظة الجلالة بخط بين مثبت نات منها فحصل له ولنا ولمن حضر المصيدة من العسكر المنصور نهاية العجب فإن ذلك من أغرب الغرائب ولما رأينها أدام الله نصره وتأييده وقال لي كيف يجتمع هذا مع نجاسة الخنزير فقلت له إن السيد المرتضى قابل بطهارة ما لا تحله الحياة من نجس العين ووجود هذا الخط على هذي السن ربما يؤيد كلامه طاب ثراه فإن السن مما لا تجله الحياة والله أعلم
السيد نور الدين علي
ابن أبي الحسن الحسيني الشامي العاملي
طود العلم المنيف. وعضد الدين الحنيف. ومالك أزمة التأليف والتصنيف. الباهر بالرواية والدراية. والرافع لخميس المكارم أعظم رايه. فضل يعثر في مداه مقتفيه. ومحل يتمنى البدر لو أشرق فيه. وكرم يخجل المزن الهاطل. وشيم يتحلى بها جيد الزمن العاطل. وصيت من حسن السمعة بين السحر والنحر
فسار مسير الشمس في كل بلدة ... وهب هبوب الريح في البر والبحر
حتى كان رائد المجد لم ينتجع سوى جنابه. وبر يد الفضل لم يقعقع سوى حلقة بابه. وكان له في مبدأ أمره بالشام. مجال لا يكذبه بارق العز إذا شام. بين اعزاز وتمكين. ومكان في جانب صاحبها مكين. ثم انثنى عاطفاً عنانه وثانيه. فقطن بمكة شرفها الله تعالى وهو كعبتها الثانية. تستلم أركانه كما تستلم أركان البيت العتيق. وتستسنم أخلافه كما يستسنم المسك العبيق. يعتقد الحجيج قصده من غفران الخطايا. وينشد بحضرته تمام الحج أن تقف المطايا. وقد رأيته بها وقد أناف على التسعين. والناس تستعين به ولا يستعين. والنور يسطع من أسارير جبهته. والعز يرتع في ميادين جدهته ولم يزل بها إلى أن دعى فأجاب وكأنه الغمام أمرع البلاد فانجاب. وكانت وفاته لثلاث عشرة بقين من ذي الحجة الحرام سنة ثمان وستين وألف رحمه الله تعالى. وله شعر يدل على علو محله. وابلاغه هدى القول إلى محله. فمنه قوله متغزلاً.
يا من مضوا بفؤادي عندما رحلوا ... من بعد ما في سويد القلب قد نزلوا
جاروا على مهجتي ظلماً بلا سبب ... فليت شعري إلى من في الهوى عذلوا
واطلقوا عبرتي من بعد بعدهم ... والعين أجفانها بالسهد قد كحلوا
يا من تعذب من تسويفهم كبدي ... ما آن يوماً لقطع الحبل أن تصلوا
جادوا على غيرنا بالوصل متصلاً ... وفي الزمان علينا مرة بخلوا
كيف السبيل إلى من في هواه مضى ... عمري وما صدني عن ذكره شغل
واحيرتي ضاع ما أوليت من زمن ... إذ خاب في وصل من أهواهم الأمل