واسكن المحبوب في داري ... خالياً في خده الناري
ورد حسن ماؤه جاري ... فوقه والنار تتقد
وهو وسط الدار. ساطع الأنوار ... حوله الأقمار قد سجدوا
والنجوم الزهر قد أفلت ... كلها من نوره خجلت
والمصابيح التي شعلت ... خجلت من نوره خمد
كلما أزهر. نوره الأنور. ... ناظري أمطر. واغتدى البرد
ضاحك في بارق عذب ... باسم عن لؤلؤ رطب
برده يطفى لظى الكرب ... جارت النظار إذ شهدوا
وجهه الوضاح. فالق الأصباح. ... يشبه المصباح. يتقد
أبو البحر جعفر بن محمد حسن
بن علي بن ناصر بن عبد الامام الشهير بالخطي البحراني العبيدي أحد بني عبد القيس بن شن بن قصي بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان رحمه الله تعالى
ناهج طرق البلاغة والفصاحة. الزاخر الباحث الرحيب المساحة. البديع الأثر والعيان. الحكيم الشعر الساحر البيان. ثقف بالبراعة قداحه. ودار على السامع كؤوسه وأقداحه. فأتى بكل مبتدع مطرب. ومخترع في حسنه مغرب. ومع قرب عهده فقد بلغ ديوان شعره من الشهرة المدى. وسار به من لا يسير مشمر وغني به من لا يغنى مفرداً. وقد وقفت على فرائده التي لمعت. فرأيت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. وكان قد دخل الديار العجمية فقطن منها بفارس. ولم يزل بها وهو لرياض الأدب جان وغارس. حتى اختطفته أيدي المنون. فغرس بفناء الفنا وخلد عرايس الفنون. وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وألف رحمه الله تعالى ولما دخل أصبهان اجتمع بالشيخ بهاء الدين محمد العاملي وعرض عليه أدبه فاقترح عليه معارضة قصيدته الرائية المشهوره التي مطلعها
سرى البرق من نجد فجدد تذكاري ... عهوداً بحزوى والعذيب وذي قار
فعارضها بقصيدة طنانة أولها
هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري ... فسقيا فخير الدمع ما كان للدار
ولا تستطع دمعاً تريق عيونه ... لعزّته ما بين نوء وأحجار
فأنت امرءٌ قد كنت بالأمس جارها ... وللجار حق قد علمت على الجار
عشوت إلى اللذات فيها على سنى ... سناء شموس ما يغبن وأقمار
فأصبحت قد أنفقت أطيب ما مضى ... من العمر فيما بين عون وأبكار
نواصع بيض لو أفضن على الدجى ... سناهن لاستغنى عن الأنجم الساري
حراير ينصرن الأصول بأوجه ... تغص بأمواه النضارة أحرار
معاطير لم تغمس يداً في لطيمة ... لهن ولا استعقبن جونة عطار
أيحنك ممنوع الوصال نوازلاً ... على حكم ناه كيف شا وأمّار
إذا بت تستسقى الثغور مدامة ... أتتك فحيتك الخدود بأزهار
أموسم لذاتي وسوق مآربي ... ومجني لباناتي ومهبط أوطاري
سقتك برغم المحل أخلاق مزنة ... تلفّ إذا جاشت سهولاً بأوعار
وفج كما شا المجال حشوته ... بعزمة عواد على الهول كرار
تمرس بالأسفار حتى تركته ... بدقته كالقدح أرهفه الباري
إلى ماجد يعزى إذا انتسب الورى ... إلى معشر بيض أماجد أخيار
ومضطلع بالفضل زر قميصه ... على كنز آثار وعيبة أسرار
سمي النبي المصطفى وأمينه ... على الدين في إيراد حكم واصدار
به قام بعد الميل وانتصبت به ... دعائم قد كانت على جرف هار
فلما أناخت بي على باب داره ... مطاياي لم أذمم مغبة أسفار
فكان نزولي إذ نزلت بمغدق ... على المجد فضل البرد عار من العار
أساغ على رغم الحوادث مشربي ... وأعذب ورد العيش لي بعد امرار
وأنقذني من قبضة الدهر بعدما ... ألح بأنياب عليّ واظفار