من مثلهم والفضل حقاً لهم ... ومنهم التاج امام النقول
رئيس هذا العصر من جملة ... سمادع غر كرام فحول
أخلاقه كالروض من لطفها ... ولطفها تخجل منه الشمول
أكرم به إذ قال من أجلنا ... طابت فروع منكم والأصول
واية الأنصار فيكم سرت ... لكنني بالاذن منكم أقول
يا نخبة الأنصار منكم بنا ... حتى شهدتم وصفكم لا يحول
وأنتم جيران ذاك الحمى ... والآن أنتم في جوار الرسول
جمعتم فضلاً إلى فضلكم ... فسدتم الناس وحق المقول
فالله رب العرش سبحانه ... يوليكم الحسنى وحسن القبول
حتى توافي القصد في نعمة ... تتري وعمر في سرور يطول
ودولة الافضال تسمو بكم ... وتزدهي طوراً وطوراً تصول
ما غردت ورقاء في روضة ... غناً وغنت حين طاب الوصول
ومن غرايب الاتفاق ما حكاه الخطيب المذكور عن نفسه قال رأيت فيما يرى النائم في العام الذي زار فيه القاضي تاج الدين المالكي وهو عام أربع وخمسين وألف كأني في مجلس درسي بالروضة النبوية وإذا بالقاضي تاج الدين داخل من باب السلام من المسجد النبوي وهو قاصد الحضرة الشريفة فلما قضى الوطر من التحية والزيارة جاء متفضلاً إلى مجلس الدرس وجلس إلى جانبي وأشار باستمرار القراءة فألقيت الكراريس من يدي وأنشدته بديهة هذين البيتين اللذين همتا من شعر المنام
أمولاي تاج الدين لا زلت ذا على ... على الهام والاوهام ليست لذي فطن
إذا كنتم في مجلس كان أهله ... بأجمعهم خرساً وأنت لك اللسن
قال ثم انتبهت وأنا أحفظ البيتين ثم لم يمض إلا نحو عشرة أيام من الرؤيا حتى وصل القاضي وكان دخوله من باب السلام وكنت في مجلس الدرس على الصفة المرئية ثم بعد التسليم والتحية. تفضل بالوصول إلى مجلس الدرس وجلس في المجلس الذي جلس فيه وأشار باستمرار القراءة فألقيت الكراريس من يدي وأنشدته البيتين المذكورين ثم قصصت عليه الرؤيا فقضى العجب من ذلك واستبشر ثم بعد قيامه من المجلس أنشدني هذه الأبيات لنفسه.
لئن كان قدري مثل ما قلت عندما ... تواضعت إذ طبقت كتبك في الوسن
فقد صح بالأحرى اتصافك بالذي ... وصفت به المملوك من طيك الحسن
لأني وإن أحرزت ذاك فإنني ... لديك أخو صمت وأنت لك السن
[الشيخ إبراهيم بن أبي الحسن المدني]
فاضل املأ اهابه. عارف بايجاز الأدب واسهابه. إلى وقار ورجاحه. وصفاء سريرة اقتضى لأمله نجاحه. وهو للفضل خليل. ومحله في العلم جليل. نص عرائس المحاسن وجلاها. ولبس أثواب العمر حتى ابلاها. وله نظم حسن. أناف به عن بلاغة ولسن. فمنه قوله مؤرخاً زواج بعض الأعيان
تبسم ثغر الدهر لما بدا له ... زواج ابن منصور على رغم حسد
ونادى منادي السعد فيه مؤرخاً ... لقد حلت الأفراح سوح محمد
وقال في تاريخ المدينة المنورة المسمى بخلاصة الوفا
من رام يستقصى معالم طيبة ... ويشاهد المعدوم كالموجود
فعليه باستقصاء تاريخ الوفا ... تأليف عالم طيبة السمهودي
والسمهودي هذا هو نور الدين أبو الحسن علي بن عبد الله السمهودي كان عالم المدينة المشرفة توفي في آخر سنة إحدى عشرة وتسعمائة وقال السيد محمد كبريت في نصر من الله وفتح قريب في معرض كلام جرت عادة الفعال لما يريد في خلقه أن كل بلدة في الغالب تكون عوناً لغريبها حتى على سكانها وعلى الخصوص المدينة المنورة وكان المرحوم العلامة الشيخ إبراهيم بن أبي الحرم يقول ليس من الراي تعظيم الوارد إلى هذه الدار إلا بحسب ما تقتضيه الحال فإنه بتعظيمه يطاء غيره ثم يتمرد على معظمه فيطاه كذلك وتكون اساءته عليه أكثر وعلى الخصوص من لفظته القرى وألف النوال والقرى وقد اتفق لي شيء من ذلك فكتب إلي بعض أصحابي في خصوص هذا المعني
يا أهل طيبة لا زالت شمائلكم ... يلطفها في الورى مأمونة العتب