الوالد الأمير نظام الدين
أحمد بن الأمير محمد معصوم الحسيني ناشر علم. وعلم. وشاهر سيف وقلم. وراقي ربى ونجد. من سامى علىً ومجد متبجج من الأبوة. بين الإمامة والنبوة. إمام ابن إمام. وهمام بن همام. وهلم جرا. إلى أن أجاوز المجرة مجرا. لا أقف على حد. حتى أنتهي إلى أشرف جد. وكفى شاهداً على هذا المرام. قول أحد أجداده الكرام. ليس في نسبتنا إلا ذو فضل وحلم. حتى نقف على باب مدينة العلم. وهذا فرع طابق أصله. ومبرز أحرز خصله. طلع في الدهر غره. فملأ العيون قره. وما قارن هلاله إبداره. حتى أحاطت به العلا داره. فألقت إليه الرئاسة قيادها. وأقامت به السيادة منادها، فأصبح مرتبته العليا. وعبده الدهر وأمته الدنيا. إلى علم بهرت حجته. كالبحر زخرت لجته. قذف دراً. فكشف ضراً. وناهيك بمعرق أصل. وذي منطق فصل. وأنا متى نعت حسبه. فإنما أنعت مجدي. ومتى وصفت نسبه. فإنما أصف أبي وحدي. بيد أني أقول وأن رغم كل أبي.
هذا أبي حين يعزى سيد لأبٍ ... هيهات ما للورى يا دهر مثل أبي
مولده ومنشأه الحجاز. والقطر الذي هو موطن الشرف على الحقيقة وسواه المجاز. ربي في حجر الحجر وغذى بدر زمزم. فغرد طائر يمنه على فنن سعده وزمزم. ولما ضاع ارج ذكره نشراً. وتهلل محيا الوجود بفضله بشراً. وغاور صيته وانجد. وأذعن لمجده كل همام أمجد. عشقت أوصافه الأسماع. وتطابق على نبله العيان والسماع. فاستهداه مولانا السلطان إلى حضرته الشريفة. واستدعاه إلى سدته الوريفة. فدخل إليه الديار الهندية عام خمس وخمسين وألف فاملكه من عامه ابنته. وأسكنه من انعامه جنته. وهناك امتد في الدنيا باعه. وعمرت باقباله رباعه. وقصده الغادي والرائح. وخدمته القرائح بالمدائح. فهو يتحلى مع محتده الطاهر. ومفخره الباهر الظاهر. بفضل تثنى عليه الخناصر. وتثني عليه العناصر. وأدب تشهد به الأعلام. وتشحذ به أسنة الأقلام. وهذا حين أثبت من كلامه الحر. ورفيق نظمه المزري بالدر. ما تنتشق له ريا. وتباهي به عقد الثريا. فمن ذلك قوله يمدح ختنه السلطان الأعظم. والخاقان المعظم. شهنشاه عبد الله بن محمد قطب شاه. ايد الله دولته. وابد صولته.
سلاهل سلا قلبي عن البان والرند ... وعن اثلاتٍ جانب العلم الفرد
وعن سمرات بالنقا وطويلع ... وعن سلمات بالاجارع أو نجد
وعن ضال ذات الضال أو شعب عامر ... وعن ظله إذ كنت في زمنٍ رغد
وعن نخلات بالعقيق وسفحه ... نهلن بماء الورد أو سلسل الخلد
شمخن فابدين الشماريخ نضداً ... واشبهن غيداً قد تمايلن من جهد
واطلعن بسراً كاللجين طلاوة ... توهج في لون من العسجد النقد
وعن فىء كرم بالحجاز ترفعت ... به الأرض حتى كان كالعلم المفرد
وعن لعلع أو عن زرود وحاجر ... وعن قاعة الوعساء أو منتدى هند
وعن زينب أو عن سليمى وعرةٍ ... وعن حي ليلي أو بثينة أو دعد
وعن نزهة الأبصارا وبهجة الربى ... لطيفة طي الكشح فاحمة الجعد
كثيفة ردف خصرها عن برؤه ... كما عز برّ الصد من غير ما ورد
يريك ثناء البدر والشمس وجهها ... نعم ونجوم الليل في الجيد والعقد
لها بشر الدر الذي قلدت به ... كما قاله نحل الحسين الفتى الكندي
أُنزّه محياها عن الخلد رفعة ... وأما المحيا لم أخل وصفه عندي
لها عنق يحكيه جيد لربرب ... تفيأ أكناف الأعقة فالرند
إلى مثل ظي الخز بنهيه صدرها ... عدا أن ذاك الخز أعلى من الخد
على أنه خد نضير تجمعت ... به النار والأمواه بالآس والورد
وإن رمت تشبيهاً لالحاظها التي ... تركن سفيهاً صاحب اللب والرشد
فلمحك في أطراف واد بوجرة ... يكن لترى من قد وصفت بلا بعد
فتبصر أسراب المها يا أخا النهى ... فتعلم ما شبهت حقّاً بلا قصد