السيد أحمد بن مسعود
بن سلطان مكة المشرفة الشريف حسن بن بركات الحسني نابغة بني حسن. وباقعة الفصاحة واللسن. الساحب ذيل البلاغة على سحبان. والسائر بأفعاله وأقواله الركبان. أحد السادة الذين رووا حديث السيادة براً عن بر. والساسة الذين فتقت لهم ريح الجلاد بعنبر. فاقتطفوا نور الشرف من روض الحسب الأنضر. وجنوا ثمر الوقائع يانعاً بالنصر من ورق الحديد الأخضر. كانت له همة تزاحم الأفلاك. وتزاعم بعلو قدرها الأملاك لم يزل يقدر من نيل الملك ما لم يف به عدده وعدده. ولم يمده عليه من القضا والزمان مدده ومدده. فاقتحم لطلبه بحراً وبراً. وقلد للملوك بمدحه جيداً ونحراً. فلم يسعفه أحد ولم يساعد. وإذا عظم المطلوب قل المساعد. وكان قد دخل شهاره من بلاد اليمن في إحدى الجمادين من سنة ثمان وثلاثين وألف وامتدح بها امامها محمد بن القاسم. بقصيدة راح بها ثغر مديحه ضاحكاً باسم. وطلب منه مساعدته على تخليص مكة المشرفة له. وإبلاغه من تحليته بولايتها أمله. وكان ملكها إذ ذاك الشريف أحمد بن عبد المطلب فأشار في بعض أبياتها إليه. وطعن فيها بسنان بيانه عليه. ومطلع القصيدة
سلا عن دمي ذات الخلاخل والعقد ... بماذا استحلت أخذ روحي على عمد
فإن أمنت أن لا تقاد بما جنت ... فقد قيل أن لا يقتل الحر بالعبد
ومنها يخاطب الامام المذكور طاعناً على سلطان مكة المشرفة
أغث مكةً وانهض فأنت مؤيدٌ ... من الله بالفتح المفوض والجدّ
وقدم أخا ودّ وأخر مبغضاً ... يساور طعناً في المؤيد والمهدي
ويطعن في كل الأئمة معلناً ... ويرضي عن ابن العاص والنجل من هند
فلم يحصل منه على طائل. إلا ما أجازه به من فضل ونائل. فعاد إلى مكة المشرفة سنة تسع وثلاثين وأقام بها سنتين ثم توجه إلى الديار الروميه في أواسط شهر ربيع الثاني في سنة إحدى وأربعين قاصداً ملكها السلطان مراد خان فورد عليه في القسطنطينية العظمى مقر ملكه واجتمع به ومدحه بقصيدة فريدة سأله فيها توليته مكة المشرفه وأنشده إياها في أواخر شوال سنة إحدى وأربعين وألف ومطلع القصيدة قوله
ألا هبي فقد بكر الندامى ... ومج المرج من ظلم الندامى
وهينمت القبول فضاع نشر ... روى عن شيخ نجد والخزامى
وقد وضعت عذارى المزن طفلاً ... بمهد الروض تغذوه النعامى
فكم خفر الفوارس في وطيس ... فتى منا وما خفر الذماما
وكم جدنا على قلٍّ بوفر ... وأعطينا على جدب هجاما
وكم يوم ضربنا الخيل فيه ... على أعقابها خلفاً اماما
فنحن بنو الفواطم من قريش ... وقادات الهواشم لا هشاما
برانا الله للدنيا سناءً ... وللأخرى إذا قامت سناما
وخص بفضله من أمّ منا ... مليكاً كان سابوراً هماما
فتى الهيجا مراد الحق من لم ... يخف من فضل خالقه ملاما
مجشّ الحرب إن طارت شعاعاً ... نفوس عندها قلّ المحامي
وغيث قطره ورق وتبر ... يجود إذا شكى المحل الركاما
فيثنى سيبه جدبا وشيكاً ... ويثنى سيفه موتاً زؤاما
وفي شفتيه آجال ورزق ... بها أمر الصواعق والسجاما
يقود له الملوك الصيد جيشاً ... فيمنحه الخوامع والرجاما
وإن وفدوه أغناهم وأقنى ... وأجلسهم على العليا مقاما
مليك الأرض والأملاك طراً ... وجاوي ملكها يمناً وشاما
ومجرٍ من دم الأعداء بحراً ... ولا قوداً يخاف ولا اثاما
يبيت مراعياً أمر الرعايا ... إذا باتت ملوكهم نياما
تسنم غارب الدنيا فألقى ... إليه جموحها طوعاً زماما
إذا شملت عنايته لئيماً ... فقد شملت مكارمه الكراما
تعاظم قدره عن وصف شعر ... كذا مرماه يسمو أن يراما
ويكبر أن يدانيه عنيد ... فيرميه ويعظم أن يراما