للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن شعره أيضاً ما كتبه مقرظاً على نظم في العربية لبعض الفضلاء سماه الاشارات

إن الاشارات للعلم العزيز حوت ... وحازت الرفع مثل المفرد العلم

وإن تقل مادحاً في نعتها كلما ... ففي الاشارات ما يغني عن الكلم

وقال اقترح على مولانا الشيخ شهاب الدين أحمد النسفي المالكي أن أنظم بيتين من بحر المديد عند ما وصلت في القراءة عليه إلى هذا الموضع من عروض ابن الحاجب وشرحها لابن واصل

وجنة المحبوب ذات احمرار ... من لظى القلب استعار استعارا

فلهذا صار قلبي كليماً ... حيث من خديه آنست نارا

وقال في كتاب إلى الشريف حسن بن أبي نمي سلطان الحجاز

أيد الله تعالى سيداً ... كاملاً في سره والعلن

بدر فضل أشرقت أنواره ... من ذرى الشام لأقصى اليمن

من حوى رق المزايا والعلى ... وشرى المجد بأغلى ثمن

مجده من ذاته من أصله ... حسن من حسن من حسن

الشيخ محمد بن أحمد الحثادي

المصري

أديب رقيق حواشي صقيل الأديم. وهو ريحانة الجليس ولا فخر ومنه مزاج كاس النديم. طلع بدر أدبه في سماء البلاغة وتجلى. وسبق جواد قلمه في ميدان البراعة وجلى. فملك زمام البيان نثراً ونظماً. وأروى بما روى من بديعه وما أظما. مع اتقان لسائر الفنون. وغوص على در الفضل المكنون. خصوصاً على الطب والحكمة. فقد أنفد في معرفتهما أمره وحكمه. إلا أنه غدا في نهج البطالة وراح. وتوج راحاته بكؤس الراح. فواصل الغبوق والصبوح. وجري في حلبة اللهو بطرف سابق سبوح. وأنصت المثالث والمثاني. ولم يثنه عن اتباع هواه ثاني. فانحط من أوج الشرف قدره. وخوى من أفق النباهة بدره. وأصبح غرضاً لسهام الملام. مكلوماً بأسنة الكلام شعر

جراحات السنان لها التئام ... ولا يلتام ما جرح اللسان

وذكره السيد محمد كبريت في رحلته فقال تشرفت بالاجتماع به وتحليت بمحاسن أدبه. فوجدت منه نديماً للسرور مديماً. ونفس حركسي في باب الهيام أديماً. فأزلت بطلعته السنية عن مرآة القلب صدى القسوة والغم. ونلت من حديثه. ما يسلو به الخاطر وينجلي الهم

وكنت إذا حدثته أو رأيته ... تزول حرارات الصبابة والجوى

ولا سيما أن ظل يتلو لمسمعي ... أحاديث أرباب الصبابة والهوى

ورأيت له حاشية على البيضاوي أتى فيها بالأبحاث الرائقة. والتحقيقات الفائقة. وله رحلة جامعة لفوائد الفوائد. سماها الاسفار عن الاسفار. وديوان شعر جيد النظم والمعنى وتعليقات على فنون الحكمة وسمعت بعض أهل الشام يقدح في شأنه. أو شرف مكانه. وما أظن الحال معهم إلا كما قيل

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالقوم أعداء له وخصوم

كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسداً وبغياً إنه لذميم

انتهى. ومن نثره العالي الطبقة. ونظمه الذي أرج به الكون وعبقه. قوله في مرجة دمشق. بصبا المرجة المبلل ذيله. علل القلب على يبرد ويله

ومر الروح أن تسيل دموعاً ... أن أبى الجفن أن يعينك سيله

واذكرن بالرياض يومي حبيب ... سلفاً والسلاف ترتع خيله

وتمسك بسالفيه على البعد ... عسى الكرب ينجلي عنك ليلة

ومن غرر حكمه ودرر كلمه قوله

تأن ولا تجزع لأمر تحاوله ... فخير اختيار المرء ما الله فاعله

وما ضمن الرحمن لا تخش فوته ... ومالاً فلا تجهد فما أنت نائله

دع السعي فالمسعود تطلبه المنى ... وسعي بلا سعد محال تحاوله

هو السعد يدو آخر الأمر ساعياً ... وحسبك سعياً في المرام تناوله

ولا تبتئس أن اخلق المجد واصطبر ... هو الشهد قد شيبت بصبر أوائله

وما المجد إلا الصبر فهو أبو التقى ... وكم حامل بالصبر عزت منازله

تفياء بظل الله من روض قوله ... الست بكاف تلحقنك فواضله

وعزتهن دنياك واغن بتركها ... ولا تحفلن بالرزق فالله كافله

<<  <   >  >>