الشيخ محمد بن علي
بن أحمد الحرفوشي الحويزي الشامي العاملي
منار العلم الاسمي. وملتزم كعبة الفضل وركنها الشامي. ومشكاة الفضائل ومصباحها. المنير به مساؤها وصباحها. خاتمة أئمة العربية شرقاً وغرباً. والمرهف من كهام الكلام شباً وغرباً. ماط عن المشكلات نقابها. وذلل صعابها وملك رقابها. وحل للعقول عقالها. وأوضح للفهوم قيلها وقالها. فتدفق بحر فوائده وفاض. وملأ بفرائده الوطاب والوفاض. وألف بتآليفه شتات الفنون. وصنف بتصانيفه الدر المكنون. إلى زهد فاق به خشوعاً واخباتاً. ووقار لا توازيه الرواسي ثباتاً. وتاله ليس لابن أدهم غرره وأوضاحه. وتقدس ليس للسري سره وايضاحه. وهو شيخ شيوخنا الذي عادت علينا بركات أنفاسه. واستضأنا بواسطة من ضيا نبراسه. وكان قد انتقل من الشام إلى بلاد العجم. وقطن بها إلى أن وفد عليه المنون وهجم. فتوفي بها في شهر ربيع الثاني سنة تسع وخمسين وألف ومن مصنفاته شرح الزبدة في الأصول واللآلي السنية في شرح الأجرومية. وشرح التهذيب في النحو. وشرح شرح الفاكهي على القطر وشرح شرح الكافيجي على قواعد ابن هشام والمختلف في النحو وطرائف النظام. ولطائف الانسجام. في محاسن الأشعار وغير ذلك. وله الأدب الذي أينعت ثمار رياضه. وتبسمت أزهار حدائقه وغياضه. فحلا جناها لأذواق الافهام. وتنشق عرفها كل ذي فهم فهام. فمن مطرب كلامه. الذي سجعت به على أغصان أنامله عنادل أقلامه. قوله مادحاً شيخ الشيخ شرف الدين الدمشقي سنة ست وعشرين وألف
إذا ما منحت جفوني القرارا ... فمر طارق الطيف يدني المزارا
فعلك تثلج قلباً به ... تأجج وجداً وزاد استعارا
واني يزور فتى قد براه ... سقام يمض ولو زار حارا
خليلي عرج على رامة ... لأنظر سلعاً وتلك الديارا
وعج بي على ربع من قد نأى ... لأسكب فيه الدموع الغزارا
فقلبي من منذ زمّ المطيّ ... ترحل عني إلى حيث سارا
فهل ناشد لي وادي العقيق ... عنه فإني عدمت القرارا
بروحي رشا فاتن فاتك ... إذا ما انثنى هام فيه العذارا
وامارنا باللحاظ انبرت ... قلوب الأنام لديه حيارا
ومن عجب أنها لم تزل ... تعاقب بالحد وهي السكارا
واعجب من ذا رأينها بها ... انكساراً يقود إليها انتصارا
ولم أرض قبله سافكاً ... دماء ولم يخش في القتل ثارا
يعير الغزالة من وجهه ... ضياء ويسلب منه النفارا
ويحمي بمرهف أجفانه ... جنياً من الورد والجلنارا
تملكني عنوة والهوى ... إذا ما أغار الحذار الحذارا
يرق العذول إذا ما رأى ... غرامي ويمنحني الاعتذارا
ومن رشقته سهام اللحاظ ... فقد عز براء وناء اصطبارا
حنانيك لست بأول من ... دعاه الغرام فلبي جهارا
ولا أنت أول صب جنى ... على نفسه حين أضحى جبارا
ترفق بقلبك واستبقه ... فقد حكم الوجد فيه وجارا
وعج عن حديث الهوى واقرعن ... إلى مدح من في العلى لايجارا
امام توحد في المكرمات ... ونال المعالي والافتخارا
وأدرك شاؤ العلى يافعاً ... والبس شانيه منه الصغارا
سما في الكلام إلى غاية ... وناهيك من غاية لا تبارا
مناقبه لا يطيق الذكى ... بياناً لمعشارها وانحصارا
غدا كعبة لاقتداء الورى ... وأضحى لباغي الكمال المنارا
إليه المفاخر منقادة ... أبت غيره أن يكون الوجارا
هو البحر لا ينقضي وصفه ... فحدث عن البحر تلق اليسارا
إذا أظلم البحر عن فكرة ... توقد عاد لديه نهارا
يفيد لراجي المعالي عُلى ... ويمنح عافي نداء النضارا