للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لله مجلسنا والغصن يعطفه ... من نسمة الصبح تقديم وتأخير

والنهر جسم بثوب الزهر ملتحف ... والزهر برد من الريحان مزرور

فصل الربيع إذا ما العشق وافقه ... للقلب فيه وللأشجار تقطير

وللسماء التباس بالرياض لما ... حكت كواكبها منها التصاوير

فالزهرة الورد والسعد الشقائق والم ... جرة النهر والجوزاء منثور

تصرفت بي أيامي لتنقصني ... فما تغيرت والتصريف تغيير

لا ينفع المرء تدبير يهذبه ... إلا إذا عضد التدبير تقدير

وقال أيضاً

شهودي على أني لاذن العلى قرط ... لباس التقى والعلم والشعر والخط

فإن قبلت مني الشهادة أثبتت ... مرادي وإلا فالصوارم والخط

حويت ملاك المجد من قبل أن يرى ... لمسك عذاري في صفا عارضي خط

ولم يقض لي الدهر الخوون مطالبي ... وها قد بدا للشيب في لمتي وخط

ألا أتشكى من زماني وقد غدا ... سلاحاً به يسطو على الأجدل البط

وتفترس الضان احتقاراً أسوده ... ويقصر عما يدرك الجعفر الشط

وتخضع شمس الأفق منه لدى السهى ... ويسجد لليل النهار وينحط

تخالف حكم الفضل والنقص عنده ... فهذا به قبض وهذا له بسط

وليس لأهل النظم فيه محرك ... فلا ماجد يعطى ولا شاذن يعطو

إلى الله أشكو جور دهري وجيرة ... نأوا بالجفا عني ولم ينأهم شحط

تباين ما بيني وبين أحبتي ... كان لم يكن وصل لدينا ولا ربط

نصيبهم مني دنو إذا جفوا ... رضا ونصيبي منهم أبداً سخط

ولو صوبوا أنظارهم بي وحاولوا ... خطا وصواباً لم يصيبوا ولم يخطوا

وقال

بدا شيب المحب فبان لما ... عذار حبيبه في الخد لاحا

فهذا صبحه أمسى مساءً ... وذاك مساءه أضحى صباحاً

وقال

دع الدنيا ولا تركن إليها ... فزخرفها سيذهب عن قليل

وإن ضحكت بوجهك فهو منها ... كضحك السيف في وجه القتيل

وأنشدني له شيخنا الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني في مرثية له في السيد مبارك بن مطلب قال وهو مما زعم أنه لم يسبق إليه وكان يقول لو لم يكن لي من الشعر إلا هذان البيتان لكفى

سفها توهم ما أرقن من الظبا ... أيدي القيون من الأشعة جوهرا

هذا عمود الماء طلقاً جارياً ... وافاه ما صدع العلى فتكسرا

قلت فإني لأعجب من زعمه أنه لم يسبق إليه وليس فيه غير تشبيه فرند السيف بالماء المتكسر وهذا المعنى في قول أبي العلا المعري من قصيدته المشهورة

وكل أبيض هندي به شطب ... مثل التكسر في جار بمنحدر

وقلت أنا في السيف وأظن أني لم أسبق إليه والله أعلم

لا تحسبن فرند صارمه به ... وشياً أجادته القيون فأبهرا

هذا ندى يمناه سال بمتنه ... فغدا يلوح بصفحتيه مجوهرا

الشيخ جمال الدين محمد

بن عبد الله النجفي المالكي من أولاد مالك الأشتر

ذو النسب الأشتري. والأدب البحتري. سماء فضل مشرقة البروج. وحديقة دب مزهرة المروج وطود حلم لا تزعزعه الرياح وبحر علم لا يفيض الامتياح طلع في سماء البيان سراجاً وعلي في سبع الطباق منها معراجاً ونهد إلى معاقل المعاني ببلاغته ففتحها وشرع أرشية أقلامه إلي قلب البديع فمنحها. ونظم في أسلاك القريض درة المنتقى. وأجرى سلسال ترسله بين العذيب والنقي إلى أخلاق وشمايل قال منها في رياض وخمائل. وصفاء سريرة وضمير. كرع منه في عذب نمير. إن ذكرت الفتوة فهو شيخها وفتاها. أو المروة فهو مصيفها ومشتاها. ولقد عاشرته حضراً وسفراً. فألفيته على العسر واليسر كما قال الشنفري.

فلا جزع من خلة متكشف ... ولا مرح تحت الغنى متجيل

<<  <   >  >>