وأدلج في ليل من النقع مظلم ... كواكبه فيه الظبا واللهازم
له كل يوم غارة ينتجي بها ... أساطين من باس العدا ودعائم
فتنفعل الاشيا له قبل كونها ... ويهزم من بعد إذا قيل قادم
فأراؤه تردي أعاديه لا القنا ... وصولته تغتالهم لا الصوارم
وذا حال من يعنا الاله بشانه ... يعاد القضا في أمره وهو نائم
ويسعده برجيس فيما يرومه ... ويمسى بهرام عليه يصادم
أبو الحسن الراقي من المجد منصباً ... نسيف الخوافي دونه والقوادم
وأكرم من ترجى المطايا لبابه ... وترسم في البيدا ثناه الرواسم
ترحل شهر الصوم عنا فأعلنت ... عليك المبادي بالثنا والخواتم
ولو كان معني الصوم شرعاً موافقاً ... له لغة ما قيل أنك صائم
لأنك لا تفنك بالخير آمراً ... وكفك فيها للنوال مزاحم
لقد جردت منك السماحة مرهفاً ... تجذبه للعس عنا غلاصم
وبحر نوال كلما غب زاخراً ... رأيت بحار الأرض وهي كظائم
إذا لم أشم في المحل برق غمامه ... فإني لبرق العرف منك لشائم
وإن لاح وجه الأرض في الجذب عابساً ... فإن ثغور الجود منك بواسم
وهاك ثناء أبرزته قريحتي ... كما أبرزت زهر الرياض الكمائم
وما كل شعر يشبه الدر نظمه ... فما الدر إلا ما أنا فيك ناظم
بقيت بقاء الشمس في أفق العلا ... يرجيك مظلم ويخشاك ظالم
ولا زلت مخدوماً لك الفلك الذي ... عليه مدار الأمر والسعد خادم
فلا تحرم الأقدار ما أنت رازق ... ولا ترزق الأقدار ما أنت حارم
الأديب صارم الدين إبراهيم بن صالح
المهتدي الهندي اليمني
هندي الأصل عربي اللسان. اتكأته البلاغة على رفرفها الخضر وعبقريها الحسان. أعرب بمقاله وما أعجم. وأقدم بصارم قاله وما أحجم. فلو أدرك عصره صاحب اللواء الكندي. لقال خذوا حذركم قد سل صارمه الهندي. دخل والده اليمن فمن الله عليه بالاسلام. وقادته العناية الأزلية إلى دار السلام. ونشأ ولده هذا بالقطر اليماني. فبلغ من غلة العرب أقصى الأماني. والمرء من حيث نما. لا من حيث انتمى. وقديماً ما قال الرستمي. يفتخر وينتمي
إذا نسبوني كنت من آل رستم ... ولكن لساني من لؤي بن غالب
ولم يزل يصدح ويمدح. ويقدح ويكدح. حتى عب عبابه. وخلص من القشر لبابه. وشعره مجمع بين الرقة والجزاله. فهو عرين أسد وكناس غزالة. وقفت له على قصائد مدح بها ملوك اليمن. وسادات الزمن. أطنب فيها وأسهب. وأورى زناد بلاغته فيها وألهب. فمنها قوله مادحاً امام اليمن إسمعيل المتوكل على الله وهي قوله
نعم ما لريات الحجول ذمام ... وما لعهود الغانيات دوام
أغر إلى م البرق عندك خلب ... وحتام سحب الوصل منك جهام
تقلص ظل من وفائك سابغ ... ظليل وعاد الري وهو أوام
تخذت القلى والصد والبعد حسبة ... مللت ولا أن الملال سلام
وتلك لعمري في الحسان سجية ... وللشيح في المامهن لزام
ولكنه في حقه ممدح ... وحلال أما في الرجال حرام
قصارى جمال الغيد وجد ولوعة ... لها بين أثناء الحشا ضرام
تعصيت حتى ما لمضناك حصة ... من الوصل إلا من رناك سهام
حسبت بأن الحسن باق ورما ... غدا نبعه يا غر وهو تمام
وكل شباب بالمشيب مروع ... وإن لم يرعك الشيب راع حمام
ألم تعلمي أن المحاسن دولة ... يزول إذا زالت جوى وغرام
ولو دامت الدولات كانوا لغيرهم ... رعايا ولكن ما لهن دوام