[السيد حسن بن شدقم الحسيني المدني]
واحد السادة. وأوحد الساسة. وثاني الوسادة. في دست الرئاسة. القدر علي. والحسب سني. والخلق كالاسم حسن. والنسب حسيني. جمع إلى شرف العلم عز الجاه. ونال من خيري الدنيا والآخرة مرتجاه. كان قد دخل الديار الهندية في عنفوان شبابه. فصدره الشرف في مجالس أهله وأربابه. وما زال يورق في رياض الاقبال عوده. حتى أسفر في سماء الاسعاد سعوده. فاملكه أحد ملوكها ابنته. ورفع في مراتب العليا رتبته. فأجتلى عرائس آماله في منصات نيلها. واستطلع أقمار سعده في نواشي ليلها. واقتعد الرتبة القعسا. وأصبح هو رئيس الرؤسا. وكان من أحسن ما قدره من حزمه ودبره. وحرره في صفحات عزمه وحبره. ارساله في كل عام إلى بلده. جملة وافرة من طريف ماله وقلده. فاصطفيت له به الحدائق الزاهية. وشيدت له القصور العالية. ولما هلك الملك أبو زوجه.. وخوى قمر حياته من أوجه. انقلب بأهله إلى وطنه مسروراً. وتقلب في تلك الحدائق والقصور بهجة وسروراً. إلا أن الرئاسة التي انتشى في تلك الديار بكؤوسها. والمكانة التي تميز بعلوها بين رئيسها ومرؤوسها. لم يجد عنهما في وطنه خلفاً. ولم ترض أنفته أن يرى في وجه جلالته كلفاً. فانثنى عاطفاً عنانه وثانيه. ودخل الديار الهندية مرة ثانية. فعاد إلى أبهة عظمته الفاخرة. وبها انتقل من دار الدنيا إلى دار الآخرة. وله شعر بديع فائق. كأنما اقتطفه من أزهار تلك الحدائق فمنه قوله حين أنف عن مقامه. في وطنه بين أهله وأقوامه. بعد عوده من الديار الهندية. والانتقال من أطلال عزه الندية
وليس غريب من نأى عن دياره ... إذا كان ذا مال وينسب للفضل
وإني غريب بين سكان طيبة ... وإن كنت ذا علم ومال وفي أهلي
وليس ذهاب الروح يوماً منيته ... ولكن ذهاب الروح في عدم الشكل
وهو من قول البستي
وإني غريب بين بست وأهلها ... وإن كان فيها جيرتي وبها أهلي
وما غربة الانسان في ثقة النوى ... ولكنها والله في عدم الشكل
وللمؤلف عفى الله عنه في المعنى
وإني غريب بين قومي وجيرتي ... وأهلي حتى ما كأنهم أهلي
وليس غريب الدار من راح نائياً ... عن الأهل لكن من غدا نائي الشكل
فمن لي بخل في الزمان مشاكل ... ألفّ به من بعد طول النوى شملي
ومن شعر السيد المذكور قوله
لا بد للانسان من صاحب ... يبدي له المكنون من سره
فاصحب كريم الأصل ذا عفة ... تأمن وإن عاداك من شعره
ابنه
السيد محمد بن حسن
بن شدقم الحسيني
فرع ثبت أصله فنما. وزكا جداً وأبا وابنما. طابت بطيبة مغارس جدوده وآبائه وتقرعت بها مفارع مجده وآبائه. فانفسحت خطاه في الفضائل والمآثر. وأذعن لأدبه كل ناظم وناثر. فهو مجلى الحلبة إذا تسابقت الفرسان. ومحلي اللبة إذا تناسقت فرائد الاحسان. وله شعر غرد به ساجع براعته وصدح. وأورى زناد البيان بحسن بلاغته وقدح. فمنه قوله مذيلاً بيت أبي دهبل مقتفياً للشريف المرتضي رضي الله عنه في ذلك
وأبرزتها بطحاء مكة بعد ما ... أصلت المنادي بالصلاة فاعتما
فارج أرجاء المعرّف عرفها ... وأضوى ضياها الزبرقان المعظما
وحيا محياها الملبون وانتشرا ... بنشر محياها الممنع واللمي
روّض منها كل أرض صشت بها ... تجر التصابي بين أترابها الدمي
هي الشمس إلا أن فاحمها الدجى ... هي البدر لكن لا يزال متمما
تجول مياه الحسن في وجناتها ... وتمنع سلسال الرضاب أخا الظما
وتسلب يقظان الفؤاد رشاده ... وتكسو رداء الحسن جسماً منعما
مهاة يصيد الأسد سهم لحاظها ... ومن عجب صيد الغزالة ضيغما
يعللني ذكر الحمى مترنم ... وما شغفي لولا الغزالة بالحمى
وأصبو لنجديّ الرباح تعللاً ... ومن فقد الماء الطهور تيمما
وهذه أبيات الشريف رحمه الله التي اقتفى السيد أثرها قال رحمه الله تعالى في كتابه الدرر والغرر ذاكرني بعض الأصدقاء بقول أبي دهبل