للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى همة تزاحم الكواكب بالمناكب. وعزمة تغادر جواسق الأعدا كبيوت العناكب. اقتدار لو شاء لامتطى للفلك سناما. وانتضى من لامع البرق حساماً. أو أراد لنصل المريخ لقناته سناناً. وثنى لجموح الدهر بعزماته عناناً. أو أحب لأورد نهر المجرة خيله. وسحب على همم الأفلاك ردنه وذيله. وجاز الجوزاء سمواً. وعبر الشعري العبور علواً. وكرم لو ساجلته البحار لفاضت غيظاً. أو استمدته الثماد لفاضت فيضاً. وأدب أمضى به قلمه كإمضائه حسامه. ومن رأى براعته وشجاعته. قال سبحان من علم باقلم اسامه. فهو متى كتب وخط. فاخرت يراع الخط رماح الخط. على أن لكليهما الحظ منسوب. وفضله باعترافه إلى يمناه محسوب. ويعود الكلام. في نزاع السيوف والأقلام. فغن كلاً منهما يقصم بابر يمنه. إنه الحائز الفخر بمقر يمينه. وإذا رمنا تحقيق الحق لها وإثباته. أحلنا الحكم على رسالة ابن نباته. فهذا قول من الافتنان في المقال. واطلاق للسان القلم من عقال. وماذا أقول في ملك كسر بصيته الأكاسر. وقصر القياصر.

وإن قميصاً خيط من نسج تسعة ... وعشرين حرفاً عن معاليه قاصر

ولم يزل على سرير الملك سامياً. وغيث نواله على عفاته هامياً. لا يرفع قصر المجد إلا بدعايم الرماح. ولا يسقي رياض الفخر إلا بغمايم الشماح. وليس لبيضه إغماد سوى الطلى. ولا لسمره مراكز غير الكلي. تسعد به الأصحاب والشيع. وتشقى به الروم والصلبان والبيع. لا يدانيه في سمو قدره مدان. حتى أنزل عنه منزل سيف بن ذي يزن من رأسه عمدان. فدجت بعد اشراقها مغاربة. وفلت بعد امضائها مضاربة فبكت عليه ممالكه وجنوده. وخفقت قلوب أوليائه كما كانت تخفق بنوده. وهذه غاية كل ملك ومملوك. ونهاية كل غني وصعلوك. وهذا حين أثبت من فرائد لياليه. ما يعذب لك حلوه ويروقك حاليه فمن ذلك قوله وأجاد

تبدى وزند الشوق تقتدح النوى ... فتوقد أنفاسي لظاه وتضرم

وهش لتوديعي فأعرضت مشفقاً ... فلي كبد حري وقلب يقسم

ولولا ثواه بالحشا لأهنتها ... ولكنها تعزى إليه فتكرم

فاعجب لأساد الشرى كيف أحجمت ... على أنه ظبي الكناس ويقدم

وقال مورياً.

إن يوماً لناظري قد تبدا ... فتملى من حسنه تكحيلا

قال

جفني لضؤه لا تلاقٍ ... إن بيني وبين لقياك ميلاً

وقال في وردة مقلوبة بين يدي محبوبة وهي من أوليات شعره

ووردة شفعت لي عند مرتهني ... وافت وقد سجدت للفاتر الحدق

كأن خضرتها من فوق حمرتها ... خال على خده من عنبر عبق

وقال أيضاً.

شادن نم عليه عرفه ... من خلاصي من سهام كامنه

احلال منه أني خايف ... وغزالي بعد خوفي أمنه

وقال في ابن حديد المعتزلي شارح نهج البلاغة والفلك الدائر على المثل السائر

لقد أتى صارماً صقيلاً ... ولم يرث ذاك من بعيد

شديد بأس منى بعادي ... وشدة البأس للحديد

وقصد بذلك الرد على من قال فيه

لقد أتى بارداً ثقيلاً ... ولم يرث ذاك من بعيد

فهو كما قد علمت شيءٌ ... أشهر ما كان في الحديد

ومن نظمه أيضاً قوله مورياً

لله تمر طيب ... واف على البشر انطوى

يا حسنه مجتمعاً ... يحلو لنا بلا نوى

ومن بديع التورية بالنوي قول أبي الحسين الجزار وقد أتى مودعاً الصاحب كمال الدين بن أبي جراده عند قصده الرحيل من مصر فاتفق ان صاحب مصر أرسل إلى ابن أبي جراده شيئاً من التمر الذي يؤتى به من أعلى صعيد مصر في المركب المبشر بزيادة النيل على وجه البركة فأمر ابن أبي جرادة أن يقدم ذلك التمر للحاضرين فأكلوا فقال الجزار ارتجالاً

أطعمتنا التمر الذي ... للبركات قد حوى

لله ما أطيبه ... لو لم يشبه بالنوى

ومن التورية به قول الشيخ جمال الدين بن نباته أيضاً

عجباً لمثلي ما على ... نايء الحبيب له قوى

يقوى لنيل الراشقين ... وليس يقوى للنوى

أخذه الصلاح الصفدي على جاري عادته فقال

<<  <   >  >>