كمثل غريق ليس يدري سباحة ... وقد صار وسط الماء يطفو وينغط
وقفنا برسم الربع والدمع خاشع ... نسائله عن ساكنيه متى شطوا
فلو أن رسماً قبله كان مخبراً ... لقال لنا ساروا وفي القلب قد حطوا
كان فناء الدار طرس وركبنا ... صفوف به سطر ورسم به كشط
رعى الله طيفاً زار من نحو غادة ... وحيا وفود الليل ما شابه وخط
فحييت طيفاً زار من نحو أرضها ... ومن دوننا والدار شاسعة سقط
فيا طيف هل ذات الوشاحين واللمى ... على العهد أم الوى بها بعدنا الشحط
وهل غصن ذاك القد يحكى قوامه ... إذا خطرت في الروض ما ينبت الخط
وهل ذلك الشعر المرجل لم يزل ... يمج فتيت المسك من بينه المشط
وهل عقرب المدغين في روض خدها ... بشوكتها تحمي وروداً به تغطو
وهل خصرها باق على جور ردفها ... فعهدي بذاك الردف في الجور يشتط
وهل حجلها غصان من ماء ساقها ... وهل جيدها باق به العقد والقرط
وهل ريقها يا صاح كالخمر مسكر ... فعهدي به قدماً وما ذقته اسفنط
وهل ردنها والذيل مهما تفاوضا ... يضوعان عطراً دونه المسك والقسط
وهل سرها ما ساء عشاق مثلها ... وقد نزفوا للبين دمعاً وقد أطو
وهل نسيت علوى وقد دار بيننا ... حديث كمثل الدر سمعي له سفط
وهل علمت أني نظمت قلايداً ... فدر المعاني في المباني هو السمط
مديح زهير الفضل من قلد الورى ... عوارف مثل البحر ليس لها شط
أبو زاهر أزكى الأنام أرومة ... وأكرم من ضمته في مهده القمط
ومن لم يزل يقظان في المجد والعلى ... وقد نعس الأقوام في المجد أو غطو
همام لدى الهيجاء تعنو لبأسه ... أسود الشرى يوم الهياج إذا يسطو
خبير بكر الخيل في حوة الوغا ... إذا راع نكس القوم من صوتها عط
إذا طال قرن أو تعرض مارق ... فهذا له قدّ وهذا له قط
إذا ما نحا الدرع الدلاص برمحه ... فما هي إلا أن تشك فتنعط
كأنّ انسياب الرمح في الدرع سابح ... من الرقش في وسط الغدير له غط
يجازي على المعروف عبداً أو سيداً ... وليس عليه يوم يعطي الندى شرط
وما شان ما يوليه منّ ولا أذى ... ولا شان ما يولاه كفر ولا غمط
إليه الندى ألقى مقاليد أمره ... وقال إليك القبض فالبذل والبسط
فما قال لا يوماً لراجي نواله ... ولا قصر الجدوى بنان له بسط
ولا عيب فيه ما عدا أنه الذي ... له خلق كالروض ما شانه سخط
يجود وما سام العفاة نواله ... وكم شان ذا جدوى وقد أخلط اللط
ينادي منادي الجود من شط أو دنا ... إلى بذله سيروا سراعاً ولا تبطوا
إذا ما يدا وهط الحجاز وحبذا ... منازل من يعلو بساكنه الوهط
بلاد زهير إن حللتم بداره ... وشاهدتم النادي ففي سوحه حطوا
إليك أثيل المجد وجهت مطلبي ... فما خاب من رجى غياث الورى قط
عسى نظرة من عين رحماك سيدي ... يكون لمثلي من مكارمها قسط
وإني غريب الدار أحمد من له ... غرائب لا تحصى ولا يمكن الضبط
وما أنا إلا البحر للدر معدن ... وكل بصير باللآلي له لقط
وحسبي فخراً أن جدي حيدر ... وإن أبي خير الورى الحسن السبط
وجدي امام الغرب سلطان عصره ... بطاعته قد طاعت الجند والرهط