للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبي من سوى هذا عن البث غنية ... فعندك لي قلب مناجيك معربا

يسير إذا ما سرت شرقاً مشرقاً ... ويسري إذا ما سرت غرباً مغرباً

كحرباء شمس لا تزال تؤمها ... ولكن في ودّه ليس قلبا

وإن بجسمي منه أعظم غيرة ... على كونه رهناً لديك مطنبا

ومن قلم يسعى إليك براسه ... يؤديك قبلي مالك الود أوجبا

واغبط طرسي إذ يقبل انملا ... سيضحى بها عما قليل مقلبا

فدونكه سجفاً لعذراء قلدت ... عقوداً تسامي درّها أن ينقبا

ممنعة لم ترض غيرك كفأها ... من الخلق طرا حيث كنت لها أبا

فأسبل عليها بعد رفعك سجفها ... من الستر ما يضفو وزدها تقربا

فما زلت محمود الشمائل من راي ... كمالك حدث السن ظنك أشيبا

بقيت على مرّ الجديدين سالماً ... وربعك مأهولاً ومغناك مخصبا

فكتب إليه الجواب بسرعة يكاد كون بديهة وهو

لعمرك يا رب البلاغة والحبا ... ومالك رق الفضل شرقاً ومغربا

وبدر سماء المجد بل شمسها التي ... أنارت بها طرق الرياسة والابا

وراقي ذري العلياء بالهمة التي ... تعدّ لها شهب المجرة مشربا

وجامع أشتات المفاخر كلها ... تراثاً وكسباً رائضاً كل أصعبا

لقد ظلت تهدي من بحار فضائل ... جواهر تاج درها لن يثقبا

وأبرزت من خدر القريحة كاعباً ... عروساً عن المملوك لن تتحجبا

وكم رامها غيري فعز لقاؤها ... ولم يحظ من ممنوعها بسوى نبا

يقل لها بذل النفوس صداقها ... وتكبر عن قولي تحل لها الحبا

فشرفت قدري إذ بعثت أخا العلا ... إليّ بها عقداً من الدر معجبا

وروضاً مريعاً يانعاً متضوّعا ... شذاه يرد المسك من نافج الظبا

بل كل بيت منه روض مدبج ... بأفنانه غنى هزار فأطربا

طفقت بها جذلان يرتع ناظري ... بجنات حسن يالها متقلبا

بها كل معنى تشتهي النفس أو به ... تلذ عيون أبصرت ثم مأربا

فمن لي بشكوى يا ابن ودّي ومن له ... يظل لسان الدهر بالمدح مطنبا

ومن هو أشهى من حياتي التي إذا ... أراه لها روحاً إليها محبباً

ومن بجميل الراي فيه تملكت ... مودته منى الضمير المحجبا

يقوم ببعض من حقوق تتابعت ... عليّ وفضل من هوى النفس أطيبا

فلا زلت تولينا الجميل مشنفاً ... مسامعنا يا من له الله قد حبا

<<  <   >  >>