إذا كنتم في صحة وسلامة ... فما نحن إلا فيهما نتقلب
ومن مشهور شعره قوله في علم العروض وقد أجاد في التورية
إن العروض لبحر ... تعوم فيه الخواطر
وكل من عام فيه ... دارت عليه الدوائر
وقرأت بخط السيد محمد كبريت السابق الذكر ما نصه أنشد في إجازة لنفسه النفيسة سيدي العفيف عبد الله بن الخطيب الياس. سلما من المكروه والباس.
يا سيدي قم لي ولا ... من غير أن أخشى العتب
كيلا يقال مقصر ... فأكون فيه أنا السبب
فقلت وإن لم يبلغ الظالع شأو الظليع
لم لا أقوم لسيدي ... من غير أن أخشى العتب
وهو الذي قامت له ... بثنائها عليا الرتب
وقلت في المعنى من بحر الحبب
أقوم على الرأس مهما بدا ... جمالك لا لاجتناب العتب
ولم لا أقوم وأنت الذي ... لعلياه قامت كرام الرتب
انتهى ولبعضهم في المعنى
قيامي والعزيز إليك فرض ... وترك الفرض ما لا يستقيم
فهل أحد له عقل ولب ... ومعرفة يراك ولا يقوم
وما الطف قول بعضهم معتذراً عن عدم القيام
علة سميت ثمانين عاماً ... منعتني للاصدقاء القياما
فإذا عمرواً تمهد عذري ... عندهم بالذي ذكرت وقاما
ذكرت بهذا ما حكاه أرباب السير عن الصاحب اسمعيل بن عباد رحمه الله تعالى أنه لما كان ببغداد وقصد القاضي أبا السائب عتبة بن عبيد لقضاء حقه فتثاقل في القيام له وتحقز تحقزاً أراه به ضعف حركته وقصور نهضته فأخذ الصاحب بضبعه وأقامه وقال نعين القاضي على حقوق اخوانه فخجل القاضي واعتذر إليه. وبخط السيد محمد كبريت كتبت إلى سدته العلية يعني الخطيب المذكور
يا أيها المولى الذي فاق الورى ... ببيان منطقه البديع الزين
هات افتنا في زيد المخفوض في ... ما قام إلا زيد المسكين
فكتب مجيباً.
يا من بشمس علومه زال الكرى ... فغدا بمصباح الهدى كالعين
إني أقول جوابكم وبي الجوى ... في فرد بيت زان في العينين
زيد تصور جره باضافة ... للالّ وهو العهد للاثنين
الشيخ شرف الدين يحيى بن عبد الملك العصامي
سبق ذكر والده في الفصل الأول. وهذا فاضل عليه في الفضل المعول. لما توفى والده بالمدينة المنورة اختار هو وأخوه الاقامة في تلك الدار. ورجحا جوار رسول الله صلى الله عليه وآله فجرا ذيل الخفض من العيش بذلك الجوار. والطبع الذي ما شان سلسال قريحته جمود. وناهيك بعصامى النفس والجد. وفاضل جد في كسب الفضائل فساعده على نيلها الحظ والجد. وقد وقفت له على تأليف سماه انموذج النجبا من معشارة الأدبا. تكلم فيه شارحاً لقول الشاعر
حاشا شمائلك اللطيفة أن ترى ... عوناً علي مع الزمان القاسي
غير أنه لم يعرف قائله فقال لعمري أنه وإن جهل بانيه من البيوت التي أذن الله أن ستكن. فما اللفظ إلا بمعانيه وإن كان قائله الكن. ثم قال وهذا البيت مما يكثر الاستشهاد به أهل الآداب في محاضرة الأصدقاء والأحباب وهو من أربعة أبيات معمورة بلطيف العتاب. وتنزيه شمائل الانجاب. مبرورة بصدق المنطق واقتضاء الصواب. محاسنها غرر في جياد القصائد. ولمعاني البديع بها صلة ومن مفرداتها عائد. تشرق شموس التهذيب في سماء بلاغتها. وترشف الأسماع على الطرب من رقيق سلافتها. فما أحقها بقول القائل
أبيات شعر كالقصور ... ولا قصور بها يليق
ومن العجائب لفظها ... حر ومعناها رقيق
وهي
إني لأعجب من صدودك والجفا ... من بعد ذاك القرب والايناسي
حاشي شمائلك اللطيفة أن ترى ... عوناً علي مع الزمان القاسي
أو ثغرك الصافي يرد حشاشة ... تشكو لهيباً من لظى أنفاسي
تالله ما هذي فعالك في الهوى ... لكن حظوظ قسمت في الناس