علامة الزمان. وشقيق النعمان. الناشر على العلم والعمل. والمحرز أدوات الكمال عن كمل. العمدة الرفيع العماد. المتميز على أقرانه تميز الروى على الثماد. فاضل له في الفضل فواضل واياد. وفقيه أفكاره شدت للنعمان ما يشده شعر زياد. إلى أدب ظهرت آياته وبهرت. ونشرت راياته بالمحاسن واشتهرت. فإذ عن له كل ناثر وناظم. وأعظم قدره الأكابر والأعاظم. إن قال فالبلاغة منوطة بمقالة. أو كتب فالبراعة موثقة بعقاله. وكرم هو ضرة الغمام. وايادهى الأطواق والناس الحمام. وخلق من لباب المكارم مخلوق. وشيم يستغنى بطيبها عن كل طيب وخلوق. وأشعاره درر لم يحتو على مثلها صدف. وغرر لم ينحل بمثلها صدف. فمن نظمه ونثره ما كتبه إلى الشيخ أحمد المقري وهو بمصر.
إلى أهل مصر أهدي السلام ... مبتدئاً بالمقري الهمام
من ضاع نشر العلم من عرفه ... ومن يضع منه الوفا للذمام
أهدى تحية التحية. إلى حضرته العلية. وذاته ذات الفضائل السنية الأحمديه التي من صحبها لم يزل موصولاً بطرائف الصلاة. وبطوائل الأوحدية. الجامعة التي منها عليها شواهد.
وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
فيا من جذب قلوب أهل عصره إلى مصره. وأعجز عن وصف فضله كل بليغ ولو وصل إلى النثرة بنثره. أو إلى الشعرى بشعره. ومن زرع حب حبه في القلوب فاسبق أعلى سوقه. وكاد كل قلب يذوب بعد بعده من حر شوقه. وظهرت شمس فضله من الجانب الغربي فبهرت بالشروق. وأصبح كل صب وهو إلى بهجتها مشوق. زار الشام ثم ما سلم حتى ودع. بعد أن فرع بروضتها أفنان الفنون فأبدع. وأسهم لكل من أهلها نصيباً من وداده فكان أوفرهم سهماً هذا المحب الذي رفع بصحبته سمك عماده. وعلق لمحبته شفاف فؤاده. فإنه دنا من قلبه فتدلى. وفاز من حبه بالسهم المعلى. أدام الله لنا البقا. وأحسن لنا بك الملتقى. ومن علينا بنعمة قرب اللقا. هذا وقد وصل من ذلك الخل الوفي. كتاب كريم وهو اللطف الخفي. بل هو من عزيز مصر القميص اليوسفي جاء به البشير مشتملاً على عقود الجواهر. بل على النجوم الزواهر. بل الآيات البواهر تكاد تقطر البلاغة من حواشيه. ويشهد بالوصول إلى طرقها الأعلى لموشيه. فليت شعري بأي لسان. أثنى على فصوله الحسان. العالية الشان. الغالية الأثمان. التي هي أنفس من قلائد العقيان. وأبدع من مقامات بديع الزمان. فطفقت أرتع من معانيها في أمتع رياض. وأقطع بان في منشئها اعتياضاً لهذا العصر عن عياض.
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها ... عقود مدح فلا أرضى لها كلمي
إلى غير ذلك ومن نظمه ما كتبه إلى الشيخ المذكور أيضاً
شمس هدي أطلعها المغرب ... وطار عنقاء بها مغرب
فأشرقت في الشام أنوارها ... وليتها في الدهر لا تغرب
شهاب علم ثاقب فضله ... ينظم عقداً منه لا يثقب
فرع علوم بالهدى مثمر ... وروض فضل بالندى مشغب
قد ارتدى ثوب علي وامتطى ... غارب مجد قرها المركب
درس غريب كل يوم له ... يملي ولكن حفظه أغرب
محاضرات مسكر لفظها ... بكاس سمع راحها تشرب
رياض آداب سقاها الحيا ... ففاح مسكاً نشرها الأطيب
فضائل عمت وطمت فقد ... قصر فيها كل من يطنب
قلوبنا قد جذبت نحوه ... والحب من عاداته يجذب
إن بعدت عن غربه شرقنا ... فالفضل فينا نسب أقرب
كم طلبت تشريفه شامنا ... بشرى لها فليهنها المطلب
قد سبقت لي معه صحبة ... في حرم يؤمن من يرهب
أخوة في الله من زمزم ... وضاعها طاب به المغرب
أنهلني ثم وداداً فلى ... بالشام منه علل أعذب
ضاء دجى العلم به للورى ... ما ضاء في جنح الدجا كوكب
فراجعه الشيخ بقوله
ما تبر راح كاسها مذهب ... ما للنهى عن حسنها مذهب
يستدفع الاكدار من صفوها ... وتنهب الأفراح إذ تنهب
تسعى بها هيفاء من ثغرها ... وفرعها لأنوار والغيهب