للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما هو إلا هيكل في قلادة ... على طوق ملك قلد الملك بالفخر

هو السيد المعروف معروف جوده ... ومن كفه بالغيث تزري وبالبحر

هو الحسن الأخلاق والأسم من سما ... بهمته قدراً على فلك النسر

هزبر الوغى ليث الشري ضيغم العدى ... مؤيد أعلام المؤيد بالنصر

خضم الندى من في أكف عطائه ... زمام الغني المغني لراجيه باليسر

أتحسب إن السحب يمطر صيباً ... وإن بطون البحر تقذف بالدر

وما ذاك إلا أن نائل جوده ... أنال سحاب الغيث فانهل بالقطر

وما الدر إلا أن نيسان كفه ... حشا البحر حتى عاد فيضاً إلى البر

وما أحمر شفاف اليواقيت مشرقاً ... فأصبح منظوم العقود على النحر

ولكنه من نار غيظ حيائه ... توقد حتى صار في شعلة الجمر

وما انفتحت أكمام روض وعطرت ... بنفحتها الآفاق بالنور والزهر

ولكنه أخلاقه الغر أثرت ... وفيها سرت طيباً ففاح شدي النشر

وما غردت في الأيك يوماً حمامة ... ولا ناح من شوق به صادح القمري

ولكنها تدعو الإله تضرعاً ... ليبقى له ملك الولاية في القطر

وما اكتسب البدر المنير ضياءه ... من الشمس لما لاح في ليلة البدر

ولكن لاحت من محياه لمعة ... فعمته بالأنوار في عالم الأمر

وما البرق إلا لمحة من حسامه ... إذا شمته في الجو يلمع أو يسري

ولا ساعقات الجو إلا قواطع ... بأحكامه ان نقدتها يد القهر

وقائعه تنبي اللبيب بشأنه ... وأخباره تهدي التحير للفكر

هذا ما وقع عليه الاختيار منها وقد شبه الهلال في أولها بعشرة أشياء قال الصفدي وقد جمع بعض الأفاضل في أولها تشبيه الهلال ما يقارب السبعين قلت وجمع الشيخ جمال الدين بن نباتة جملة منها في قصيدته الرائية التي مدح بها الملك المؤيد صاحب حماه التي أولها قوله

يا شاهر اللحظ حبي فيك مشهور ... وكاسر الجفن قلبي منك مكسور

فإنه هناه فيها بعيد الفطر واستطرد فيها إلى تشبيه الهلال فقال

كان شكل هلال العيد في يده ... قوس على مهج الأعداء موتور

أو مخلب مده نسر السوء لهم ... فكل طائر قلب منه مذعور

أو منجل لحصاد الصوم منعطف ... أو خنجر مرهف الحدين مطرور

أو فصل تبر أجادت في هديته ... إلى جواد ابن أيوب المقادير

أو راكع الظهر شكراً في الظلام إلى ... من فضله في السماء والأرض مشكور

أو زورق جاء فيه العيد منحدراً ... حيث الدجى كعباب البحر مسجور

أولاً فقل شفة للكأس مائلة ... تذكر العيش إن العيش مذكور

أولاً فنصف سوار قام يطرحه ... كف الدجى حين عمته التباشير

أولاً فقطعة قيد فك عن بشر ... أخنى الظلام عليه فهو مأسور

أولاً فمن رمضان النون قد سقطت ... لما مضى وهو من شوال محصور

وزاد على ذلك فخر الدين بن مكانس في ارجوزته المشهورة التي سماها عمدة الحرفا. وقدوة الظرفا. فقال يصف ليلة أنس

يا طيبها من ليلة لو أنها طويلة ... ساعاتها قصار وكلها أنوار

بدا بها الهلال يزينها الجمال ... من جانب الغمامه كالحب في العمامه

ولمعة السراج والصدع في الزجاج ... وجانب المرآة والنصل في الفلاة

أو كشفاه الأكوس والحاجب المقوس ... قلت له حين وفا ورق لي وانعطفا

كغصن بان أعوج والفخ أو كالدملج ... معوجاً كالنون وهيئة العرجون

يشبه طوق الدره في الصحو بين الخضره ... يا صفوة الأقمار يا مبدأ الأنوار

<<  <   >  >>