للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أديب شاعر نبيه. مقامه في الأدب كاسمه وشعره كاسم أبيه ورأيته بحضرة الوالد وقد أحنى عليه الكبر. وهو يرقم من برود الشعر ما يزري بموشي الرقوم والحبر. ولم يزل يخدم حضرته الشريفة بفرائد أفكاره. ويستنشق روح الأمل من نسائم آصاله وأبكاره. حتى استأذنته في العود إلى وطنه. والرجوع إلى مستقره وغطنه. فأذن له. بعد ابلاغه أمله. ومن شعره قوله معارضاً قصيدة الوالد المقدم ذكرها ومادحاً له

تالق من نحو الكثيب ووهده ... بريق تلالاً في حمائل برده

ترآى لعيني قد تقرح جفنها ... وعوض عن طيب المنام بسهده

فهيج وجداً مضمراً في سرائري ... وأبدى مصوناً ما استطعت لرده

فبت كئيباً واله القلب شقا ... ببحر غرام بين جزر ومدّه

وما افتر إلا جاد بالدمع ناظري ... واذكرني ماء العذيب ورده

ومسرح غزلان يرحن عشية ... بذات اللوى والأبرقين وثمده

ومياد غصن مذ تثنى بعطفه ... لوى عقربى صدغيه خفاق بنده

كثير التجني والمجون وطالما ... جنى سيف لحظ منه وهو بغمده

له حدق صحت بسقم جفونها ... ومن عجب تقويم شيء بضده

وإني إذا ما جن ليلي تخالني ... أحن حنين الثاكلات لفقده

ويطربني صدح الحمام بايكه ... إذا صاح قمري البشام برده

وتنبيه شحرور يرتل شدوه ... بغنته ادغام ولبن بمده

وترجيع صوت العندليب كأنه ... غدا راهباً فيه زعيماً بورده

وإن شق نحر الفجر ناجت بلابل ... تسبح لله القديم بحمده

وإني على ودي مقيم على الوفا ... وما ملت بل باق على حفظ عهده

كأني وما أرجو كثير عزة ... متى حار فكري فيه أو بشر هنده

إلا في سبيل الله دهر قضيته ... على ظماء لم يروه ماء صده

أبيت على جمر الفضا متقلباً ... وفي طي أحشائي تلظ بوقده

وقد جبلت نفسي على حبه كما ... جبلن أيادي أحمد قبل وعده

فما البحر إلا من شآبيب جوده ... وما المزن إلا من سحائب رفده

رؤف رحيم ناسك متبتل ... وطلق المحيا عند اقبال وفده

هو الضيغم الكرار في حومة الوغى ... يروّى عطاش السمر بعد فرنده

يشق قتام الجحفلين بابلج ... أغر رحيب الصدر أجدل زنده

يمد على قصر مقدم نحره ... ويحرص تاليه على بعد قصده

فلا زال محروساً بعين عناية ... من الله ما افترت كمائم ورده

وما دار كاس العتب في ملة الهوي ... على مذهب العشاق في شرع جنده

وقال يخاطب العفيف عبد الله بن حسين الثقفي وقد كتب إليه الوالد بأبيات يسأله فيها عن حاله في علة اعتلها. وقرظ أبيات الوالد ومدحه

أرحيق أم شمول أم ضرب ... أم أقاح أم زلال أم حبب

أم نسيم الوصل أهدى خبراً ... طيب النشر سحيراً حين هب

وشفى جسماً عليلاً طالما ... شفه الوجد واضناه الوصب

يا رضيع الود بل غايته ... ما جزا من حب إلا أن يحب

وقديم العهد في صحبته ... فاز في السبق بغايات الرتب

لا تشم برق زرود واللوى ... يا أخا الحب إذا الحب اقترب

أي عقد رام يحكى نظمه ... قل له فاتك والله الشنب

در لفظ ساقه الفكر على ... قالب الحسن وتقصار الذهب

حارت الألباب في تأليفه ... ومعانيه التي لا تكتسب

بطل يحمي حماه بالقنا ... وعروس الخيل إن رام انتدب

باسل في الحرب إلا أنه ... شمس عرفان فخذ عنه الأدب

وعباب الفضل في ساحله ... جوهر فرد إذا الدر احتجب

<<  <   >  >>