فثار عليّ بات عند ابن ملجم ... وأعقبه ثار الحسين لدى شمر
ولما عرضت هذه القصيدة على الشريف العلامة ماجد بن هاشم البحراني قدس الله سره كتب عليها مقرظاً قوله. أجلت رايد النظر في ألفاظها ومعانيها. وأحللت صاعد الفكر في أركانها ومبانيها. فوجدتها قرة في عين الابداع. ومسرة في قلب الاختراع. والحق أحق بالاتباع. فالحمد لله على تجديد معالم الأدب بعد اندراسها. وتقويم راية البلاغة بعد أساسها. ورد غرايب الفصاحة إلى مسقط راسها وإزالة وحشتها وإيناسها. وكتب ماجد بن هاشم البحراني وقال وهو بشيراز وكتبها إلى أهله بالبحرين يتشوق إليهم. ويبث لواعج أشجانه عليهم
سلام يغادي جوكم ويراوحه ... ونشر ثناء تحكيم روايحه
ولا زال مرفوع الثناء يؤمكم ... على كاهل البرق الشمالي صالحه
أأحبابنا والمرء يا ربما دعى ... أخا النأي إن ضاقت عليه منادحه
هل الدهر مدنيني إليكم فمبرد ... لهيب اشتياق يرمض القلب لافحه
ومجمع دمع كلما هتفت به ... دواعي هواكم قرح الجفن سافحه
كفى حزناً أني بشيراز مفرد ... أبا كرما يضني الحشا وأرايحه
وفرط هموم لو تضيفون يذبلا ... تضاءل واستعلت عليه أباطحه
وشوقاً لو استجلى ثناء أخو الدجى ... لأغناه عن ضوء المصابيح قادحه
غدا وهو عنوان الحوادث فاستوى ... لديه به خافي البداد وواضحه
وأشياء ضاق النظم عنها وبعضها ... يلوذ بظل الاستقالة جارحه
أحن فلا ألفي سوى هاتف الضحى ... يطارحني شكوى النوى أطارحه
يقطع آناء النهار بنوحه ... إلى أن يرى وجه الظلام يصافحه
وإنّ له بعد الهدو لعولة ... وأجزى وأشجى النوح ما لح نايحه
شكا وحشتي سجن وناى فأجرشت ... له رقة مما يحن جوارحه
يكاد إلى هز الجناح فخانه ... تغص بترجيع الحنين جوانحه
خلا أنه ذو رفقة فمتى دعا ... تجبه على قرب المكان صوادحه
وإني إذا ما اشتقتكم حال دونكم ... ودوني غيلان الفلا وصحاصحه
وملتطم الأمواج ما عبثت به ... يد الريح إلا وامتطى النجم طافحه
على أنه في السجن أرغد عيشة ... ولا يستوي داني القرين ونازحه
يشن عليّ البعد غارات جوره ... وتهتف بي من كل فج صوائحه
له الغلب فليثن الأعنة مبقياً ... عليّ فما عندي جنود تكافحه
ولا المفرد العاني يهز رماحه ... لطعن ولا تنضي الضروب صفائحه
سقى جد حفص البيض سحا ولو سما ... لها الدمع أغناها عن الغيث راشحه
ولا زال خفاق النسيم إذا سرى ... عليلاً يماسي جوها ويصابحه
بلاد أقام القلب فيها فلم يزل ... وإن طمحت بالجسم عنها طوامحه
هل الله مستبق ذمامي بعودة ... إليها يريني الدمع قد هش كالحه
ويصبح هذا البعد قد ريض صعبه ... وأمكن من فضل المفادة جامحه
وقال في صدد آخر
لعبت بعطفيه الشمول فمادا ... كالغصن حركه الهوى فأنادا
ريم أعار مهى الصريم لواحظاً ... نجلاً وآرام الحمى أجيادا
خنث اللحاظ وأنها لا شد من ... بيض الظبا يوم القراح جلادا
هاتيك جاورت الجفون وهذه ... أبت الجفون وحلت الأكبادا
نازعته راحا كبرد رضا به ... طعماً وجمرة خده ايقادا
فانقاد كالمهر الجموح جذبته ... رفقاً ثنى لعنانه فانقادا
والليل زنجي الملاة لناشر ... لمماً كأحداق الحسان جعادا
فضا دجاه بغرة أوفى بها ... حسناً على البدر المنير وزادا
قسماً بخوص كالحنيّ ضوامر ... وصلت بتدآب السرى الأسادا