الشيخ شرف المدرسين عبد الرحمن وجيه الدين بن عيسى بن مرشد العمري نسباً الحنفي مذهباً علامة القطر الحجازي ومفتيه، ومولى معروف المعارف ومؤتيه. وبحر العلم الذي لا يدرك ساحله. وبره الذي لا تطوى مراحله. أشرقت في سماء الفضائل ذكاء ذكائه. وخرس به ناطق الجهل بعد تصديته ومكائه. فأصبح وهو للعلم والجهل مثبت وما حق. وسبق إلى غايات الفضل وما للوجيه لا حق.
حتى طار صيته في الآفاق. وانعقد على فضله الوفاق، وانتهت إليه رياسة العلم بالبلد الأمين فتصدر وهو منتجع الوافدين والآمين. منه تقتبس أنوار أنواع الفنون. وعنه تؤخذ أحكام المفروض والمسنون. تشد الرحال إلى لقائه. ويستنشق أرج الفضل من تلقائه. وتصانيفه في أقسام العلم صنوف. وتآليفه في مسامع الدهر أقراط وشنوف. إن نثر فما أزاهر الرياض غب المزن الهاطل، أو نظم فما جواهر العقود تحلت به الغيد العواطل وها أنا أقص عليك من خبره. ما يزدهيك وشي حبره.
وأتلو عليك من تفصيل حاله. ما يروقك خصبه وتأسف على امحاله. ثم أثبت من منظومه بعد منثوره. ما يطرب الأسماع بحسن مأثوره فصل في ذكر انتقال جده من شيراز إلى الحجاز وتوطنه بمكة المشرفة على الحقيقة لا المجاز. وخبر ابتداء أمر الشيخ المشار إليه. وذكر من أخذ عنه وقرأ عليه قرأت في بعض التذاكر ما نصه. قدم جده الشيخ مرشد إلى مكة المشرفة من بلده شيراز في حدود الثلاثين وتسعمائة وكان وروده إليها بعد أن وصل إلى الديار الرومية وخدم سلطانها الأعظم يومئذ ببعض مؤلفاته ثم استوطن مكة المشرفة متصدياً للتأليف والتدريس مع الانقطاع للعبادة وألف حاشية على تفسير البيضاوي لم تتم بل بقيت مسودة وله عدة تعاليق وشروح وحواش ورسائل وتفرقت كتبه إلى الآفاق بأيدي تلامذته لصغر أولاده وكان أصغرهم والد صاحب الترجمة الشيخ عيسي فحفظ القرآن واستقل وكتب الخط الحسن وصار المشار إليه فيه وجميع ما على أبواب المسجد الحرام والمدارس السلطانيه العظام من الآيات والطرازات بخط المشار إليه تأهل في حدود سنة أربع وسبعين وتسعمائة وولد له صاحب الترجمة ليلة الجمعة خامس جمادي الأولى سنة خمس وسبعين وتسعمائة ونشأ في حجر والده وحفظ القرآن العظيم وقرأ به التراويح في المسجد الحرام أما ما وحفظ الألفية والأربعين حديثاً للنووي وكنز الدقائق إلا قليلاً منه والجزرية والشاطبية وقطعة من منظومة التلخيص للجلال السيوطي وغير ذلك وشرع في الاشتغال في حدود سنة ثمانين وتسعمائة ولازم الشيخ عبد الرحيم بن حسان وقرأ عليه الآجرومية وشرحها للفاكهي ومقدمة الشيخ محمد الحطاب وشرح القواعد الصغرى للشيخ خالد الأزهري وشرح القطر للمصنف وقطعة من الألفية والمنهل الصافي للدماميني ما عدا شيأً يسيراً منه وشرح التصريف للسعد التفتازاني مع حاشيته وفي علم الفقه منية المصلى وربع العبادات من شرح النقاية وقطعة من شرح الكنز للعيني وأخذ عن القاضي علي بن جار الله بن ظهيرة الحنفي الفقه والفرائض وقطعة من شرح المنار وشرح النخبة لابن حجر العسقلاني في دراية الحديث وشرح السراجية في الفرائض لمير باد شاه الحنفي وقرأ على الملا عبد الله السندي آداب البحث وأخذ علم العروض عن الشيخ محمد بن علي الركروك الجزايري قرأ عليه شرح السيد الغرناطي على الخزرجية فأجازه إياه مع رواية الصحيحين والشفا وروى صحيح البخاري عن الامام شمس الدين محمد الرملي الشافعي وأجازه المذكورون وغيرهم بتدريس مدرسة المرحوم محمد باشا في حدود سنة تسع وتسعين وتسعمائة فدرس بها صحيح البخاري وأملي عليه شرحاً بلغ فيه إلى باب رفع العلم وظهور الجهل فعزل عنها ووافا مدرسها السابق ونظم منظومة في علم التصريف عدتها خمسمائة بيت من بحر الرجز وشرحها شرحاً مستوفي وشرح كتاب الوافي في علم العروض والقوافي.